بذلك لا يُشارك، فكأنه لما جعل لهم ولاية على اليتامى .. نبههم على أنهم لا يقهرونهم ولا يغالبونهم ولا يستولون عليهم استيلاء القاهر، فإن هذا الوصف لا يكون إلا لله تعالى، وفي وصفه تعالى بالحكمة: إشارة إلى أنه لا يتعدى ما أذن هو تعالى فيهم وفي أموالهم، فليس لكم نظر إلا بما أذنتْ لكم فيه الشريعة، واقتضته الحكمة الإلهية؛ إذ هو الحكيم المتقن لما صنع وشرع، فالإصلاح لهم ليس راجعًا إلى نظركم إنما هو راجع لاتّباع ما شرع في حقهم.
٢٢١ - ثم قال تعالى محذرًا من زواج المشركات اللاتي ليس لهن كتاب:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}؛ أي: ولا تتزوجوا أيها المؤمنون النساء المشركات بالله حتى يؤمن؛ أي: يصدقن بالله ورسوله، وهو الإقرار بالشهادتين، والتزام أحكام المسلمين، نزلت في أبي مرثد الغنوي، سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أن يتزوج عناق وهي مشركة، والمشركات ها هنا عامة في كل من كفرت بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - حرم الله بهذه الآية نكاحهن، ثم استثنى الحرائر الكتابيات بالآية التي في المائدة، فبقي نكاح الأمة الكتابية على التحريم، وقراءة الجمهور بفتح التاء في قوله {وَلَا تَنْكِحُوا}، من نَكَح الثلاثي إذا تزوج، وقرىء بضمها، من أنكح الرباعي بمعنى: ولا تزوجوهن من المسلمين.
{وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ}؛ أي: ولرقيقة مؤمنة بالله ورسوله {خَيْرٌ} لكم وأنفع وأصلح وأفضل {مِن} حرة {مُشْرِكَةٍ} بالله؛ أي: تزوج الأمة خير لكم عند الله من تزوج مشركة {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} المشركة؛ أي: أحبتكم وأعشقتكم لجمالها أو مالها أو حسبها أو جاهها، أو غير ذلك، وقد تقدم لك أنها نزلت في عبد الله بن رواحة كانت عنده أمة سوداء الحديث. والواو للحال و {لو} بمعنى {إن}؛ أي: وإن كان الحال أن المشركة تعجبكم وتحبونها .. فالأمة المؤمنة خير منها.
وفي هذا (١): دليل على جواز نكاح الأمة المؤمنة، ومفهوم الصفة يقتضي .. أنه لا يجوز نكاح الأمة الكافرة كتابية كانت أو غيرها، وفي هذه الآية: دليل