للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لجواز نكاح القادر على طَول الحرة المسلمة للأمة المسلمة، ووجه الاستدلال أن قوله: {خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ} معناه: من حرة مشركة، وواجد طول الحرة المشركة واجد لطول الحرة المسلمة؛ لأنه لا يتفاوت الطولان بالنسبة إلى الإيمان والكفر، فقدر المال المحتاج إليه في أهبة نكاحهما سواء، فيلزم من هذا أن واجد طول الحرة المسلمة .. يجوز له نكاح الأمة المسلمة، وهذا استدلال لطيف.

{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} وهنا خطاب لأولياء المرأة؛ أي: ولا تزوجوا - أيها الأولياء - النساء المؤمنات من الكفار وثنيين كانوا أو أهل كتاب حتى يؤمنوا بالله ورسوله {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ}؛ أي: ولتزويجكم المؤمنات لرقيق مؤمن بالله. {خَيْرٌ} لكم عند الله وأفضل وأصلح {مِنْ} تزويجهن لحر {مُشْرِكٍ} باللهِ {وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} وأحبكم ذلك المشرك لحسبه أو ماله أو جماله أو جاهه، أو غير ذلك. {أُولَئِكَ} المذكورون من المشركين والمشركات الذين حرمت عليكم مصاهرتهم ومناكحتهم {يَدْعُونَ} كُمْ {إِلَى} الشرك والكفر الذي يؤديكم إلى {النَّارِ} في الآخرة فلا يليق بكم مصاهرتهم ومناكحتهم، فإن الزوجية مظنة المحبة، وذلك يوجب الموافقة في الأغراض، وربما يؤدي ذلك إلى انتقال الدين بسبب موافقة المحبوب {وَاللَّهُ يَدْعُو}؛ أي: أولياءه (١) المؤمنون يدعون، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه تفخيمًا لشأنهم؛ أي: يدعون إلى الاعتقاد والعمل الموصلَين {إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ} فهم الأَحِقَّاء بالمواصلة دون غيرهم، أو الكلام على ظاهره بلا حذف، والمعنى والله يدعو عباده إلى الجنة والمغفرة بتبيان هذه الأحكام من الإباحة والتحريم، فإن من تمسك بها .. استحق الجنة والمغفرة {بِإِذْنِهِ}؛ أي: بتيسيره تعالى، وتوفيقه للعمل الذي يستحق به الجنة والمغفرة، أو بقضائه وإرادته.

يعني: أنه تعالى بين هذه الأحكام، وأباح بعضها، وحرم بعضها، فاعملوا بما أمركم به، وانتهوا عما نهاكم عنه، فإنه من عمل بذلك .. استحق الجنة


(١) البيضاوي والنسفي.