للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليهما السلام، كما قال: {ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧)}.

١٦٢ - {قُلْ} يا محمد لهؤلاء المشركين {إِنَّ صَلاتِي} المفروضة علي وعلى أمتي التي أعبد بها ربي، وكذا الصلاة المستحبة؛ لأن المراد بالصلاة ما يشمل المفروض منها والمستحب {وَنُسُكِي}؛ أي: جميع أنواع عبادتي من صوم وحج وزكاة وغيرها من سائر العبادات، فعطفه على ما قبله على هذا التفسير من عطف العام على الخاص، أو حجي وعمرتي. وكثر استعماله في عبادة الحج، أو ذبيحتي التي أذبح بها في الحج، أو في غيره؛ أي: إن صلاتي ونسكي مخلصان لله لا شركة لغيره فيهما {وَ} إن {مَحْيايَ}؛ أي: حياتي، أو ما أوتيته في حياتي من العمل الصالح والنعم {وَمَماتِي}؛ أي: وفاتي، أو ما أموت عليه من الإيمان، وقيل: معناه أن طاعتي في حياتي لله، وجزائي بعد مماتي من الله؛ أي:

كلاهما منسوبان {لِلَّهِ} سبحانه وتعالى خلقا وإيجادا {رَبِّ الْعالَمِينَ}؛ أي: معبود العالمين وخالقهم ومالكهم.

وحاصل هذا الكلام (١): أن الله سبحانه وتعالى أمر رسوله أن يبين للمشركين ويخبرهم أن صلاته ونسكه وسائر عبادته وحياته وموته كلها مخلصة لله، وواقعة بخلق الله وقضائه وقدره، فهو مخالف لهم في عبادة الأصنام وذبحهم لها {لا شَرِيكَ لَهُ} سبحانه وتعالى في شيء من ذلك من الصلاة والنسك، والمحيا والممات في الخلق والتقدير.

وقرأ الحسن وأبو حيوة (٢): {نسكي} بإسكان السين، وقرأ الباقون بضمها، وقرأ نافع: {محياي}: بسكون الياء، وقرأ الباقون بفتحها؛ لئلا يجتمع ساكنان. قال النحاس: لم يجزه؛ - أي: السكون - أحد من النحويين إلا يونس، وإنما أجازه؛ لأن المدة التي في الألف تقوم مقام الحركة. قال أبو حيان: وما روي عن نافع من سكون يا المتكلم في {محياي} هو جمع بين ساكنين أجري الوصل


(١) الخازن.
(٢) البحر المحيط والشوكاني.