أن جزاء المطيعين ليس كجزاء المسيئين، فقال:{أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ}؛ أي: أفمن اتبع كتاب الله ورسوله، وسعى في تحصيل رضا الله سبحانه وتعالى بفعل الطاعات، وترك الغلول، وغيره من الفواحش والمنكرات {كَمَنْ} غلَّ و {بَاءَ} ورجع {بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ}؛ أي: بغضب شديد كائن من الله سبحانه وتعالى {و} كمن كان {مَأوَاهُ} ومسكنه، ومنزله {جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} أي: وقبح وساء المرجع مرجعه. والاستفهام هنا: إنكاري، أي: ليس جزاء من اتقى، وسعى في تحصيل مرضات الله تعالى بامتثال المأمورات، واجتناب المنهيات، وترك الغلول كجزاء من غل، وارتكب الفواحش والمحرمات، وانتهى أمره إلى سخط الله تعالى، وعظيم غضبه، وكان مأواه الذي يأوي إليه جهنم، ولا مرجع له غيره؛ لأن مأوى الأول الجنة، ومأوى هذا: النار، فيا بونًا بائنًا بين المنزلين.
١٦٣ - {هُمْ}، أي: الفريقان المذكوران {دَرَجَاتٌ}؛ أي: أصحاب درجات وطبقات، أي: إنَّ كلا ممن اتبع رضوان الله، ومن باء بسخط من الله أصحاب طبقات ومراتب مختلفة عند الله، ومنازل متفاوتة في حكمه، وبحسب علمه بشؤونهم، وبما يستحقون من الجزاء، فهم مختلفون في درجات الثواب، والعقاب في حكم الله وعلمه باختلاف مراتب الطاعات والمعاصي.
والخلاصة: أنَّ الناس يتفاوتون في الجزاء عند الله كما يتفاوتون في الفضائل، والمعرفة في الدنيا، وما يترتب على ذلك من الأعمال الحسنة، أو السيئة، وهذا التفاوت على مراتب ودرجات يعلو بعضها بعضًا من الرفيق الأعلى الذي طلبه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته إلى الدرك الأسفل.
وقرأ الجمهور {دَرَجَاتٌ} بالجمع، فهي مطابقة للفظ هم، وقرأ النخعي {درجةٌ} بالإفراد. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}؛ أي: عالم بأعمالهم، ودرجاتها، فمجازيهم على حسبها.