للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ...} الآيات، مناسبتها لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى (١) لما ذكر هدايته للبشر بإرسال الرسل، وإنزال الكتب في قصة بني إسرائيل .. قفّى على ذلك بذكر هدايته إياهم بما أودع في فطرتهم، وركب في عقولهم من الاستعداد للإيمان به، وتوحيده وشكره منذ النشأة الأولى، فهو سبحانه بعد أن أظهر تمادي هؤلاء اليهود في الغي بعد أخذ الميثاق الخاص الذي دل عليه قوله: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} وذكر هنا أنّهم نقضوا أيضا الميثاق العام الذي أخذه على بني آدم جميعا - وهم في صلب آدم - واشركوا بالله وقالوا: عزير ابن الله.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ ...} الآية، ذكر (٢) في سبب نزولها أنّ بعض اليهود المعاصرين للرسول صلى الله عليه وسلّم قالوا له: لم يكن من بني إسرائيل عصيان ولا معاندة لما أمروا به، فنزلت هذه الآية موبخة لهم، ومقررة كذبهم، ومعلمة ما جرى على أسلافهم من الإهلاك والمسخ، وكانت اليهود تكتم هذه القصة، فهي من ما لا يعلم إلا بكتاب أو وحي، فإذا أعلمهم بها من لم يقرأ كتابهم .. علم أنّه من جهة الوحي.

التفسير وأوجه القراءة

١٦١ - {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ}؛ أي: واذكر يا محمد لهؤلاء اليهود المعاصرين لك، المنكرين عصيان أسلافهم ومعاندتهم لأمر الله تعالى قصة إذ قيل لهم؛ أي: لأسلافهم {اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ}؛ أي: قرية الجبارين، قوم من بقية عاد - رئيسهم عوج بن عنق - أي: قصة إذ قال الله تعالى لهم على لسان موسى: إذا خرجتم من التيه .. أسكنوا بيت المقدس، أو قال لهم على لسان يوشع بعد خروجهم من التيه: اسكنوا أريحاء {وَكُلُوا مِنْها}؛ أي: من ثمار القرية


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.