للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يا مربي ويا مالك أمري {إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ}؛ أي: من القوم، وهم القبط {نَفْسًا} وهو فاتون خباز فرعون، الذي وكزه موسى فقضى عليه {فَأَخَافُ} منهم {أَنْ يَقْتُلُونِ} ـي بمقابلتها،

٣٤ - {وَأَخِي هَارُونُ} بن عمران {هُوَ أَفْصَحُ} وأبين {مِنِّي لِسَانًا}؛ أي: كلامًا، وكان في لسان موسى عقدة من قبل الجمرة التي تناولها, وأدخلها فاه، تمنعه عن إعطاء البيان حقه، ولذلك قال فرعون ولا يكاد يبين {فَأَرْسِلْهُ}؛ أي: فأرسل أخي هارون إلى فرعون وقومه {مَعِيَ} حال كونه {رِدْءًا}؛ أي: معينًا {يُصَدِّقُنِي} بالرفع إما صفة لـ {رِدْءًا}؛ أي (١): معينًا مصدقًا لي بتلخيص الحق، وتقرير الحجة وتوضيحها وتزييف الشبهة وإبطالها, لا بأن يقول له: صدقت، أو للقوم: صدِّقوه، يؤيد ذلك المعنى قوله: {هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا} لأن ذلك يقدر عليه الفصيح وغيره، كما في "فتح الرحمن"، أو حال من مفعول {أرسله}، أو مستأنف، وبالجزم على جواب الأمر.

وقرأ الجمهور (٢): {رِدْءًا} بالهمز، وأبو جعفر ونافع والمدنيَّان بحذف الهمزة، ونقل حركتها إلى الدال، والمشهور عن أبي جعفر بالنقل, ولا همز ولا تنوين، ووجهه: أنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وقرأ عاصم وحمزة: {يصدقني} بضم القال، فيحتمل الأوجه الثلاثة السابقة، وقرأ باقي السبعة: بالإسكان، وقرأ أُبيُّ وزيد بن علي: {يصدقوني} والضمير لفرعون وقومه، قال ابن خالويه: هذا شاهد لمن جزم, لأنه لو كان رفعًا لقال: يصدقونني. انتهى، والمعنى في يصدقوني: أرجو تصديقهم إياي.

{إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} ـي إذا لم يكن معي هارون، لعدم انطلاق لساني بالمحاجة؛ أي: أخاف أن يردوا كلامي، ولا يقبلوا مني دعوتي، ولساني لا يطاوعني عند المحاجة.

ومعنى الآية: أي قال موسى: يا رب إني قتلت من قوم فرعون نفسًا،


(١) روح البيان.
(٢) البحر المحيط.