بأعلى صوته الحرب سجال يوم بيوم بدر، أعل هبل - صنم في الكعبة - أي؛ ظهر دينك.
ولما انصرف أبو سفيان، ومن معه .. نادى إن موعدكم بدر العام القابل. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا له: هو بيننا وبينكم ". ثم سار المشركون إلى مكة، وبحث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عمه حمزة فوجده مبقور البطن مجدوع الأنف مصلوم الأذن فقال:"لئن أظهرني الله عليهم لأمثلن بثلاثين منهم". ثم أمر أن يسجى عمه ببردته، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى فوضعهم إلى جانب حمزة واحدًا بعد واحدٍ حتى صلى عليهم ثنتين وسبعين صلاة، ثم أمر بحمزة فدفن، واحتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة، فدفنوهم بها ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وقال:"ادفنوهم حيث صرعوا". إذا علمت ما تقدم .. سهل عليك فهم هذه الآيات، وما بعدها مما له صلة بهذه الوقعة الهامة في تاريخ الإِسلام، وما فيها من عظة وعبرة للمسلمين، فقد كانت نبراسًا لهم في كل حروبهم وأعمالهم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده.
إذ علموا أن مخالفة القائد الأعظم لها أسوأ الآثار, وأن كل ما حدث فيها، إنما جر إليه الطمع في الغنيمة وجمع حطام الدنيا، وهو ظل زائل، وعرض مفارق.
التفسير وأوجه القراءة
١٢١ - {وَ} إذكر يا محمَّد: لأصحابك قصة {إذْ غَدَوْتَ} وخرجت بعد صلاة الجمعة خامس عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة {مِنْ أَهْلِكَ}؛ أي: من منزلك الذي فيه أهلك من المدينة، وهو حجرة عائشة إلى أحد ليتذكروا ما وقع لهم في ذلك اليوم من الأحوال الناشئة من عدم الصبر، فيعلموا أنهم لو لزموا الصبر؛ لا يضرهم كيد الكفرة، وعبر عن الخروج بالغدوِّ الذي هو الخروج غدوة مع كونه - صلى الله عليه وسلم - خرج بعد صلاة الجمعة؛ لأنه قد يعبر بالغدو عن الخروج من غير نظر إلى أصل معناه، كما يقال: أضحى، وإن لم يكن في وقت الضحى، وفي