للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ووجه (١) ارتباط هذا بما قبله بيان أن الذي فرض عليك تبليغ الكتاب الذي أنزله عليك سائلك يوم القيامة عن ذلك، كما قال: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) وقال: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦) وقال: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣) أي: إن الذي أوجب عليك تبليغ القرآن لرادُّك إليه وسائلك عن أداء ما فرض، وتبيان (٢) القرآن لأمور الدين إما مباشرة، وإما بيان الرسول، وقد أمرنا سبحانه باتباع هذا البيان في قوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ} الآية، وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني أوتيت القرآن ومثله معه"، وإما ببيان الصحابة والعلماء المجتهدين له، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" وقد كان كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فاجتهد الأئمة، ووطَّئوا طرق البحث في أمور الدين لمن بعدهم، واستنبطوا من الكتاب والسنة مذاهب وآراء في العبادات ومعاملات الناس بعضهم مع بعض، ودونوا تشريعًا ينهل منه المسلمون في كل جيلٍ، ويرجع إليه القضاة ليحكموا بين الناس بالعدل، وكان أجلَّ تشريع أخرج للناس كما اعترف بذلك أرباب الديانات الأخرى، وكذلك من لم يتدين منهم بدين.

٩٠ - ثم لما ذكر سبحانه أن في القرآن تبيان كل شيء .. ذكر عقبه آيةً جامعة لأصول التكليف كلها تصديقًا لذلك فقال: {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {يَأْمُرُ} كُمْ في هذا الكتاب الكريم الذي أنزله إليك أيها الرسول {بِالْعَدْلِ}؛ أي: بالإنصاف، وهو قبول الحق والعمل به، ولا إنصاف أعظم وأجمل من الاعتراف بمن أنعم علينا بنعمه، والشكر له على إفضاله، وحمده وهو أهل للحمد، ومنع ذلك عمن ليس له بأهل، فالأوثان والأصنام لا تستحق شيئًا منه، فمن الجهل عبادتها وحمدها، وهي لا تنعم فتشكر، ولا تنفع فتعبد، ومن ثم وجب أن نشهد أن لا إله إلا الله وحده.


(١) المراغي.
(٢) المراغي.