بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومن عند أخيه بقوله:{اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} فلو لم يأمر بالمعروف، ولم ينه عن المنكر .. لخالف أمر الله وأمر موسى، وإنه لا يجوز.
وقرأ الحسن وعيسى وأبو عمرو في رواية (١): {وأن ربكم} بفتح الهمزة، والجمهور: بكسرها المصدر المنسبك منها: في موضع خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: والأمر كون الرحمن ربكم، فهو من عطف جملة على جملة، وقدره أبو حاتم: ولأن ربكم الرحمن، وقرأت فرقة:{أنما} و {أن} بفتح الهمزتين، وتخريج هذه القراءة على لغة سُليم، حيث يفتحون أن بعد القول مطلقًا،
٩١ - ثم بيَّن أنهم لم يسمعوا نصحه، ولم يُطيعوا أمره بقوله:{قَالُوا}؛ أي: قال عبدة العجل من قوم موسى في جواب هارون: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ}؛ أي: لن نزال على العجل وعبادته {عَاكِفِينَ}؛ أي: مقيمين، قال الراغب: العكوف: الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم، قال في "الكبير": رحمته تعالى خلَّصتهم من آفات فرعون، ثم إنهم لجهلهم قابلوه بالتقليد فقالوا:{لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِين}؛ أي: لن نزال مقيمين على عبادة هذا العجل {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} فننظر هل يقرنا على عبادته، أو ينهانا عنها، جعلوا رجوعه غايةً لعكوفه، لكن لا على طريق الوعد بترك عبادته عند رجوعه، بل بطريق التعليل والتسويف. اهـ "أبو السعود".
فعند ذلك اعتزلهم هارون في اثني عشر ألفًا من المنكرين لما فعله السامري، كأنهم قالوا: لن نقبل حجتك، ولا نقبل إلا قول موسى، وما مقصدهم من ذلك إلا التعلل والتسويف، وعدم إجابة طلب هارون،
٩٢ - فلما رجع موسى .. سمع الصياح والجلبة، وكانوا يرقصون حول العجل، فقال للسبعين الذين كانوا معه: هذا صوت الفتنة، فلما رأى هارون .. أخذ شعر رأسه بيمينه، ولحيته بشماله، وكان طويل الشعر و {قَالَ} له: {يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ} والاستفهام فيه: توبيخي، والجملة: مستأنفة استئنافًا بيانيًا واقعًا في جواب سؤال مقدر، كأنه