للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُول}.

وقيل (١): هو متصل بما قبله، و {اللام} في {لَهُمْ}: بمعنى الباء مجازةً، فأولى بهم طاعة الله وطاعة رسوله، وقول معروف بالإجابة.

والمعنى: لو أطاعوا وأجابوا .. لكانت الطاعة والإجابة أولى بهم، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء عنه.

ومعنى الآية على القول الأول: طاعة الله ورسوله، وقول معروف أمثل لهم، وأحسن مما هم فيه من الهلع والجزع والجبن من لقاء العدوّ، فمتاع الحياة الدنيا متاع قليل، وظلّ زائل، والآخرة خير لمن اتقى.

{فَإِذَا عَزَمَ}؛ أي: حتم وفرض ووجب {الْأَمْرُ}؛ أي: الجهاد، ووجد القتال ولزمهم، وجواب الشرط: محذوف، تقديره: خالفوا وتخلفوا؛ أي: فإذا عزم الأمر ... خالف المنافقون، وكذبوا فيما وعدوا به، وقيل: الجواب قوله: {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ} كما في "البيضاوي"؛ أي: فلو صدقوا فيما قالوا من الكلام المنبىء عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه، أو صدقوا في إظهار الإيمان والطاعة {لَكَانَ} الصدق {خَيْرًا لَهُمْ} أو الكذب والنفاق، والقعود عن الجهاد، وفي الآية دلالة على اشتراك الكل فيما حكي من قوله تعالى: {لَولَا نُزِّلَت سُورة}. فالمراد بهم: الذين في قلوبهم مرض.

والمعنى (٢): فإذا حضر القتال .. كرهوه وتخلّفوا عنه خوفًا وفرقًا، ولو صدقوا في إيمانهم، واتباعهم للرسول، وأخلصوا النيّة في القتال .. لكان خيرًا لهم عند ربهم، إذ ينالون به الثواب والزلفى عنده، ويعطيهم ما تقرُّ به أعينهم، ويدخلهم جنات النعيم.

٢٢ - ثم خاطب أولئك المنافقين خطاب توبيخ وتأنيب، فقال: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} وترجيتم؛ أي: هل يتوقع منكم يا من في قلوبهم مرض {إِنْ تَوَلَّيْتُمْ} أمور الناس،


(١) الخازن.
(٢) المراغي.