للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآخرة، كما قال: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ} إلخ؛ أي: فإما نرينك في حياتك بعض الذي نعدهم من العذاب والنقمة، كالقتل والأسر يوم بدر، فذاك ما يستحقّونه، أو نتوفّينك قبل ذلك فإلينا يرجعون يوم القيامة، فنجازيهم بأعمالهم، وننتقم منهم أشدّ الانتقام، وناخذهم أخذ عزيز مقتدر، ونحو الآية قوله: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢)}.

وقرأ الجمهور (١): {يُرْجَعُونَ} بياء الغيبة مبنيًا للمفعول، وقرأ أبو عبد الرحمن ويعقوب: بفتح الياء، وطلحة بن مصرف ويعقوب في رواية الوليد بن حسان: بفتح تاء الخطاب.

٧٨ - ثم ردّ سبحانه وتعالى على العرب في إنكارهم بعثة الرسل، فقال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا} روي إن الذين كانوا يجادلون في آيات الله تعالى، اقترحوا معجزات زائدة على ما أظهره الله على يده - صلى الله عليه وسلم -، من تفجير العيون، وإظهار البساتين، وصعود السموات ونحوها، مع كون ما أظهره من المعجزات كافية في الدلالة على صدقه، فأنزل الله تعالى قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا}؛ أي: وعزتي وجلالي لقد بعثنا {رُسُلًا} ذوي عدد كثير إلى قومهم {مِنْ قَبْلِكَ}؛ أي: من قبل بعثتك يا محمد، أو من قبل زمانك {مِنْهُمْ}؛ أي: من أولئك الرسل، خبر مقدم {مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ}: مبتدأ مؤخر، والجملة: صفة {رُسُلًا} من قصّ عليه إذا بيّن، وأخبر؛ أي: من بيّناهم وأخبرناهم وسميناهم لك في القرآن، فأنت تعرفهم؛ أي: أنبأناك بأخبارهم، وما لقوه من قومهم {وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}؛ أي: لم نسمّهم، ولم نخبرك خبرهم، ولا أوصلنا إليك علم ما كان بينهم وبين قومهم.

وعن علي وابن عباس: أن الله بعث نبيًا أسود في الحبش، فهو ممن لم يقصص على محمد - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه الطبراني في "الأوسط" وابن مردويه. قال بعضهم: لعل معناه: أن الله بعث نبيًا أسود إلى السودان، فلا يخالف ما ورد من أنّ الله تعالى ما بعث نبيًا إلا حسن الاسم، حسن الصورة حسن الصوت، وذلك لأنَّ في كل جنس حسنًا بالنسبة إلى جنسه. انتهى.


(١) البحر المحيط.