وذهب قتادة إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله سبحانه:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} فأمر بقتالهم في الحل والحرم، وقيل: إنها منسوخة بقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}.
{كَذَلِكَ}؛ أي: مثل هذا الجزاء الواقع منكم بالقتل والإخراج {جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}؛ أي: يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم من المؤمنين.
١٩٢ - {فَإِنِ انْتَهَوْا} عن قتالكم ودخلوا في الإِسلام {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} لهم ما سلف منهم من الكفر {رَحِيمٌ} بهم بقبول توبتهم وإيمانهم بعد كفرهم وقتالهم.
١٩٣ - {وَقَاتِلُوهُمْ}؛ أي: وبادئوا المشركين بالقتال في الحل والحرم {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}؛ أي: حتى يسلموا ولا يوجد شرك، {و} حتى {يكون الدين} كله والعبادة خالصًا {لِلَّهِ} وحده ليس للشيطان فيه نصيب ولا يعبد في الحرم وغيره إلا الله، وترك (١) هنا {كله} وذكره في الأنفال؛ لأن القتال هنا مع أهل مكة فقط، وتم مع جميع الكفار فناسب ذكره، {فَإِنِ انْتَهَوْا} وانزجروا وانكفوا عن الكفر وقتالكم في الحرم .. فلا تعتدوا عليهم، دل عليهم {فَلَا عُدْوَانَ}؛ أي: فلا اعتداء بقتل أو غيره؛ أي: فلا سبيل لكم بالقتل {إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ}؛ أي: على المبتدئين بالقتل، أو المعنى: فإن انتهوا عن الأمر الذي يوجب قتالهم، وهو إما كفرهم، أو قتالهم .. فلا قتل إلا على الذين لا ينتهون عن الكفر، فإنهم بإصرارهم على كفرهم ظالمون أنفسهم، وسمي جزاء الظالمين ظلمًا للمشاكلة.
١٩٤ - {الشَّهْرُ الْحَرَامُ} الذي دخلت فيه - يا محمَّد - لقضاء العمرة؛ وهو ذو القعدة من السنة السابعة، وسمي بالحرام لحرمة القتال فيه مقابل {بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ} الذي صدوك فيه عن دخول مكة؛ وهو ذو القعدة من السنة السادسة؛ أي: من استحل دمكم من المشركين في الشهر الحرام .. فاستحلوه فيه؛ أي: إن قاتلوكم فيه فقاتلوهم فيه {وَالْحُرُمَاتُ} جمع حرمة؛ وهي ما يجب احترامه، وقرأ الحسن شذوذًا:{والحرْمات} بإسكان الراء على الأصل؛ إذ هو جمع حرمة، والضم في