الحمد لله رافع منازل المتمسكين بالذكر المبين، وهادي المؤمنين المتقين، الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار، ويتدبرون آياته للعمل والموعظة والادّكار، تكفل سبحانه بحفظه؛ فلم يغير صفاءه كدر التحريف، ولم تحم حوله أخطاء التصحيف، فنحن نقرؤه اليوم كما نزل به الروح الأمين على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
والصلاة والسلام الأتمان الأدومان الأكملان على من أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، وسراجا منيرا للمخبتين، وعلى آله الطهر الميامين، وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فقد أرسل المولى سبحانه رسوله بالهدى ودين الحق، وأنزل عليه القرآن مصدقا لما بين يديه من الكتاب، ليدّبّروا آياته وليتذكر أولو الألباب، كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، فهو المعجزة الخالدة الذي فاق كل بيان، وأخرس كل لسان، وأبهر أهل الفصاحة من قحطان وعدنان، بل تحدّى الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فكان المعجزة الدائمة، والبرهان الصادق، على ما أتى به رسوله من حقائق.
دامت لدينا ففاقت كل معجزة ... عن النبيين إذ جاءت ولم تدم