للآخرِين ونحو الآية قوله تعالى:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}. وفي الحديث الصحيح:"والذي نفسي بيده، ما يصيب المؤمن من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، إلا كفر الله عنه بها من خطاياه، حتى الشوكة يشاكها".
ولما نزلت هذه الآية، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفس محمد بيده، ما من خدش عود، ولا اختلاج عرق، ولا عثرة قدم، إلا بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر". وروى الترمذي، وجماعة عن علي - كرم الله وجهه - قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله، حدثنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} قال - صلى الله عليه وسلم -: "وسأفسرها لك يا علي، ما أصابكم من مرض، أو عقوبة، أو بلاءً في الدنيا، فبما كسبت أيديكم، والله أكرم من أن يعود بعد عفوه"، والآثار في هذا الباب كثيرة.
وقال الواحدي: وهذه أرجى آية في كتاب الله؛ لأنه جعل ذنوب المؤمنين صنفين، صنف كفره عنهم بالمصائب، وصنف عما عنه في الدنيا، وهو كريم لا يرجع في عفوه، فهذه سنة الله مع المؤمنين، وأما الكافر فإنه لا يعجل له عقوبة ذنبه حتى يوافي به يوم القيامة انتهى.
والخلاصة: أنه يكفر عن العبد بما يصيبه من المصائب، ويعفو عن كثير من الذنوب.
٣١ - ولما كان من يعاقب بدون الموت، ربما ظن أنه عاجز فائت، قال:{وَمَا أَنْتُمْ} أيها الناس، أجمعون عربكم وعجمكم {بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: بفائتين عليه تعالى. هربًا في الأرض. ولا في السماء، لو كنتم فيها, لو أراد محقكم بالكلية، يعني: لو أراد الله سبحانه، ابتلاءكم وعقوبتكم .. فلا تفوتونه حيثما كنتم، ولا تسبقونه، ولا تقدرون أن تمنعوه من تعذيبكم، بل ما قضاه عليكم من المصائب واقع عليكم، نازل بكم {وَمَا لَكُمْ} أيها الناس، عند الاجتماع. فكيف عند الانفراد {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء عظمة وكبرًا وعزة {مِنْ وَلِيٍّ} يوالي أموركم بالاستقلال، فيحميكم مما قضاه الله