قوله تعالى:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ...} الآية، سبب (١) نزولها: أنه لما نزل قوله تعالى: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ...} قال القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم: يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فنزلت هذه الآية. رواه العوفي عن ابن عباس.
التفسير وأوجه القراءة
٨٢ - وعزتي وجلالي {لَتَجِدَنَّ} يا محمد {أَشَدَّ النَّاسِ} وأكثرهم وأبلغهم، والناس هنا: الكفار؛ أي: ولتجدن أشد الكفار {عَدَاوَةً} وبُغضًا {لِلَّذِينَ آمَنُوا} بك واتبعوك وصدقوا بما جئتهم به {الْيَهُودَ} يعني: يهود بني قريظة والنضير وفدك وخيبر وغيرهم من سائر يهود الحجاز؛ لشدة شكيمتهم - إبائهم وأنفتهم من الحق - وتضاعف كفرهم، وانهماكهم في اتباع الهوى، وقربهم إلى التقليد، وبعدهم عن التحقيق.
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"ما خلا يهوديان بمسلم إلا همَّا بقتله". وقد قال بعضهم: مذهب اليهود: أنه يجب عليهم إيصال الشر إلى من خالفهم في الدين بأي طريق كان، فإن قدروا على القتل فذاك، وإلا فبغصب المال، أو بالسرقة، أو بنوع من الحيلة. وأما النصارى: فليس مذهبهم ذلك، بل الإيذاء حرام في دينهم.
وذكر الله تعالى فيما سيأتي آنفًا أن النصارى ألين عريكة - أسهل خلقًا - من اليهود، وأقرب إلى المسلمين منهم.
{وَ} لتجدن أيضًا أشدهم عداوة للذين آمنوا {الَّذِينَ أَشْرَكُوا}؛ أي: المشركين من أهل مكة عبدة الأوثان، الذين اتخذوها آلهة يعبدونها من دون الله، وأشد ما لاقى النبي - صلى الله عليه وسلم - من العداوة والإيذاء كان من يهود الحجاز في المدينة وما حولها، ومن مشركي العرب ولا سيما مكة وما قرب منها، وقد كان اليهود والمشركون مشتركين في بعض الصفات والأخلاق التي اقتضت عداوتهم الشديدة