للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تعالى .. أشبهت العقلاء، فعبّر عنها بلفظ من يعقل، لأن الدخور من خصائصهم، أو لأن من جملة ذلك من يعقل فغلب.

والخلاصة: أي (١) ألم ينظر هؤلاء الذين مكروا السيئات إلى ما خلق الله من الأجسام القائمة كالأشجار والجبال، التي تتفيَّأ ظلالها وترجع من موضع إلى موضع عن اليمين والشمائل، فهي في أوَّل النهار على حالٍ، ثم تتقلص، ثم تعود إلى حال أخرى في آخر النهار، مائلةً من جانب إلى جانب ومن ناحيةٍ إلى أخرى صاغرة منقادة لربها خاضعة لقدرته.

وقرأ السُّلمي والأعرج والأخوان حمزة والكسائي (٢): {أولم تروا} بتاء الخطاب إما على العموم للخلق استؤنف به الإخبار، وإما على معنى قل لهم، إذا كان خطابًا خاصًّا، وقرأ باقي السبعة: بالياء على الغيبة، واحتمل أيضًا أن يعود الضمير على الذين مكروا، واحتمل أن يكون إخبارًا عن المكلفين، والأول أظهر لتقدم ذكرهم، وقرأ أبي عمرو وعيسى ويعقوب: {تَتَفَيّؤُ} بالتاء على التأنيث، وباقي السبعة بالياء.

وقرأ الجمهور: {ظِلَالُهُ} جمع ظل، وقرأ عيسى: {ظُلَلُه} جمع ظُلَّة، كحُلَّةٍ وحُلَلٍ، والرؤية هنا رؤية القلب التي يقع بها الاعتبار، ولكنها بواسطة رؤية العين.

٤٩ - ثم ذكر ما هو كالدليل لما سلف فقال: {وَلِلَّهِ} سبحانه وتعالى وحده لا لغيره، فالقصر (٣) فيه قصر قلب وإفراد كما سيأتي في مبحث البلاغة، {يَسْجُدُ}؛ أي: يخضع وينقاد، قال العلماء: السجود على نوعين سجود طاعة وعبادةٍ كسجود المسلم، وسجود انقياد وخضوع كسجود الظلال. {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من العلويات قاطبةً، ودخل فيه الشمس والقمر والنجوم {وَمَا فِي الْأَرْضِ} كائنًا ما كان {مِنْ دَابَّةٍ} بيان لما في الأرض؛ أي: من كل دابة تدب عليها، فإن قوله تعالى:


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) روح البيان.