السورة في قوله:{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ...} الآية، وقوله:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً} فاكتفى هنا عن ذكرها. وإذا كان جميع ما في العالم مِلْكُهُ ومُلْكُة كان قادرًا على كل الممكنات عالمًا بكل المعلومات غنيًّا عن جميع الحاجات منزهًا عن النقائص والآفات، وبكونه قادرًا على الممكنات، كان قادرًا على إنزال العذاب على الكفار في الدنيا والآخرة، وقادرًا على تأييد رسوله بالدلائل، وإعلاء دينه، فبطل الاستهزاء والتعجيز، وبتنزيهه عن النقائص كان منزهًا عن الخلف والكذب، فثبت أن قوله:{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} مقدمة توجب الجزم بصحة قوله: {أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} ذكره "أبو حيان".
أسباب النزول
وأما أسباب النزول فليست في هذه الآيات ولم نر من ذكر شيئًا منها في هذه الآيات المذكورة.
التفسير وأوجه القراءة
٣٧ - {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ}؛ أي: وما صح أن يكون هذا القرآن المشحون بفنون الحجج الناطقة، ببطلان الشرك وحقية التوحيد {أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: مفترى من الخلق {وَلَكِنْ} كان القرآن {تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ}، أي: مصدق الذي قبله وأمامه، من الكتب الإلهية المنزلة على الأنبياء قبله، كالتوراة والإنجيل؛ أي: مصدقًا لها وموافقًا لها، في العقائد وبعض الفروع.
ووقعت (١) لكن هنا، أحسن موقع إذ هي بين نقيضين، وهما الكذب، والصدق المضمن للتصديق {وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ}؛ أي: وتبيين ما كتب وفرض من الأحكام والشرائع، في اللوح المحفوظ من قوله:{كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}؛ أي: ومبينًا لما كتبه الله تعالى على عباده حالة كونه {لَا رَيْبَ فِيهِ} أي لا شك في كونه {مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}؛ أي: منزلًا من مالك العالمين، جل جلاله.