للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مناسبة هذه الآية لما قبلها: لما بين (١) الله سبحانه وتعالى في الآية السالفة، أن هؤلاء المشركين الذين كذبوا بلقاء الله تعالى، قد خسروا، وما كانوا مهتدين، وهذا يتضمن تهديدًا ووعيدًا بالعذاب الذي سيلقونه في الدنيا والآخرة .. أردف ذلك ببيان أن بعض هذا العذاب ستراه أيها الرسول الكريم، وتقر عينك برؤيته، وبعض آخر سيكون لهم يوم الجزاء، وهو عليم بما فعلوه، فيجازيهم به قدر ما يستحقون.

قوله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما بين (٢) الله سبحانه وتعالى حال الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قومه .. بين حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم، تسليةً له، وتطمينًا لقلبه، ودلت الآية على أنه تعالى ما أهمل أمة، بل بعث إليها رسولًا، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}.

قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ...} الآية، مناسبة (٣) هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر العذاب، وأقسم على حقيقته، وأنهم لا يفلتون منه .. ذكر بعض أحوال الظالمين في الآخرة.

قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ...} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها: أنه لما سألوا عما وعدوا به من العذاب، أحق هو، وأجيبوا بأنه، حق لا محالة، وكان ذلك جوابًا كافيًا لمن وفقه الله تعالى للإيمان كما كان جوابًا للأعرابي، حين سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم -: الله أرسلك؟ وقوله عليه السلام له: "اللهم نعم" فقنع بإخباره - صلى الله عليه وسلم -، إذ علم أنه لا يقول إلا الحق والصدق، كما قال هرقل: لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله .. انتقل من هذا الجواب إلى ذكر البرهان القاطع على حجته، وتقريره بأن القول بالنبوة والمعاد، يتفرعان على إثبات الإله القادر الحكيم، وأن ما سواه فهو مِلْكُهُ ومُلْكُهُ، فعبر عن هذا بهذه الآية، وكان قد استقصى الدلائل على ذلك في هذه


(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.
(٣) البحر المحيط.