ومن هنا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب"؛ أي: يقطع كمالها وينقصها مرور هذه الأشياء بين يدي المصلي، أما المرأة فلكونها أحب الشهوات إلى الناس، وأشد فسادًا للحال من الوسواس، وأما الكلب الأسود فلكونه شيطانًا، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الكلب الأسود شيطان" سمى شيطانًا لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعًا وأكثرها نعاسًا، ومن هذا قال الإِمام أحمد بن حنبل: لا يحل الصيد به، وأما الحمار فلكون الشيطان قد تعلق بذنبه حين دخل سفينة نوح عليه السلام، فهو غير مفارق عنه في أكثر الأوقات، وهو السر في اختصاص الحمار برؤية الشيطان. والله أعلم.
كما أن وجه اختصاص الديك برؤية الملك، كون صياحه تابعًا لصياح ديك العرش، كما ثبت في بعض الروايات الصحيحة, فالملك غير مفارق عنه في غالب الحالات، وفي الحديث:"إن الله يبغض ثلاثة أصواتها، نهقة الحمير، ونباح الكلب، والداعية بالحرب".
٢٠ - ولما فرع الله سبحانه من قصة لقمان .. رجع إلى توبيخ المشركين على إصرارهم على ما هم عليه مع مشاهدتهم لدلائل التوحيد، وتبكيتهم، وإقامة الحجج عليهم فقال:{أَلَمْ تَرَوْا}؛ أي: ألم تعلموا يا بني آدم {أَنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {سَخَّرَ} وذلل {لَكُمْ}؛ أي: لمنافعكم، والتسخير سوق الشيء إلى الغرض المختص به قهرًا {مَا فِي السَّمَاوَاتِ} من (١) الكواكب السيارة، مثل الشمس والقمر وغيرهما، والملائكة المقربين، بأن جعلها أسبابًا محصلة لمنافعكم، ومراداتكم، فتسخير الكواكب بأن الله تعالى سيرها في البروج على الأفلاك التي دبر لكل واحد منها فلكًا، وقدر لها القرانات والاتصالات، وجعلها مدبرات العالم السفلي من الزماني، مثل الشتاء والصيف والخريف والربيع، ومن المكاني مثل المعدن والنبات والحيوان والإنسان، وظهور الأحوال المختلفة بحسب