للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نزولها: ما أخرجه (١) ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن زجر عن بكر بن سوادة قال: حمل رجل من العدو على المسلمين، فقتل رجلًا، ثم حمل، فقتل رجلًا آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال: أينفعني الإِسلام بعد هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم"، فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم حمل على أصحابه، فقتل رجلًا ثم آخر، ثم قتل. قال فيرون: إن هذه الآية نزلت فيه. {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ...} الآية.

التفسير وأوجه القراءة

٧١ - {قُلْ} يا محمَّد لهؤلاء المشركين الذين يدعونك إلى دين آبائهم {أَنَدْعُو}؛ أي: نعبد {مِنْ دُونِ اللَّهِ}؛ أي: متجاوزين عبادة الله الضار النافع {مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا}؛ أي: الأصنام التي لا تنفعنا في الدنيا والآخرة إن عبدناها, ولا تضرنا إن تركنا عبادتها، وأدنى مراتب المعبودية: القدرة على ذلك؛ أي: لا ينبغي لنا ولا يمكن منا أن نعبد غير الله سبحانه وتعالى بعد أن هدانا الله تعالى إلى الإِسلام والتوحيد، والاستفهام فيه للإنكار والتوبيخ {و} هل {نُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا}؛ أي: وهل نرجع وراءنا وخلفنا إلى الشرك {بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} وأرشدنا إلى دينه وأكرمنا به، لا نرجع إلى الشرك، ويقال لكل (٢) من أعرض عن الحق إلى الباطل: أنه رجع إلى خلف، ورجع على عقيبه؛ لأن الأصل في الإنسان هو الجهل، ثم إذا تكامل حصل له العلم، فإذا رجع من العلم إلى الجهل مرة أخرى .. فكأنه رجع إلى أول مرة. والمعنى (٣): قل يا محمَّد للآمرين لك باتباع دينهم وعبادة الأصنام معهم: أندعوا من دون الله تعالى حجرًا أو شجرًا لا يقدر على نفعنا أو ضرنا، فنخصه بالعبادة دون الله، وندع عبادة الذي بيده التفسير والنفع، والحياة والموت؟ إن كنتم تعقلون .. فتميزون بين الخير والشر، ولا شك أن خدمة من يرتجى نفعه ويرهب ضره أحق وأولى من خدمة ما لا يرجى منه شيء منهما، وهل نرد على أعقابنا بالعودة إلى الضلال والشرك بعد إذ هدانا الله


(١) لباب النقول.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.