للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن كان هكذا .. فلا يستحق العبادة توبيخًا لهم وإنكارًا عليهم عبادتها.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ...} الآية، مناسبة (١) هذه الآية لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر أنه يحشر إلى جزائه العالم، وهو منتهى ما يؤول إليه أمرهم .. ذكر مبتدأ وجود العالم وخلقه له بالحق؛ أي: بما هو حق لا عبث فيه ولا هو باطل؛ أي: لم يخلقهما باطلًا ولا عبثًا، بل صدرا عن حكمة وصواب، وليستدل بهما على وجود الصانع؛ إذ هذه المخلوقات العظيمة الظاهر عليها سمات الحدوث، لا بد لها من محدث واحد عالم قادر مريد سبحانه جلَّ وعلا.

قوله تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ...} الآية، مناسبة هذه الجملة لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر خلق الخلق وسرعة إيجاده لما يشاء، وتضمن البعث إفنائهم قبل ذلك .. ناسب ذكر الوصف بالحكيم، ولما ذكر أنه عالم الغيب والشهادة .. ناسب ذكر الوصف بالخبير، إذ هي صفة تدل على علم ما لطف إدراكه من الأشياء.

قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها (٢): أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر قوله: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا} .. ناسب ذكر هذه الآية هنا، وكان التذكار بقصة إبراهيم عليه السلام مع أبيه وقومه أنسب لرجوع العرب إليه؛ إذ هو جدهم الأعلى، فذكِّروا بأن إنكار هذا النبي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - عليكم عبادة الأصنام هو مثل إنكار جدكم إبراهيم على أبيه وقومه عبادتها، وفي ذلك التنبيه على اقتفاء من سلف من صالحي الآباء والأجداد، وهم وسائر الطوائف معظمون لإبراهيم عليه السلام.

أسباب النزول

قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ...} الآية، سبب


(١) البحر المحيط.
(٢) البحر المحيط.