إلى الأرض، ولكنَّه من الإسرائيليات التي لا مستندَ لها.
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا}؛ أي: على أهل المدائن من فوقهم، قبل القلب، أو في أثنائه {حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}؛ أي: من طين متحجِّرٍ كما جاء في سورة الذاريات: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣)}. ومثل هذا المطر يَحْدث بإرسال الله تعالى ريحًا شديدةً تحمل بعضَ الأحجار من المستنقعات أو الأنهار فتلقيها حيث يشاء الله تعالى، وكان حقَّ العبارة، وجعلوا عاليِا، وأمطروا؛ أي: الملائكة المأمورونَ بذلك، فأسند إلى نفسه من حيث إنه المسبِّبُ تعظيمًا للأمر، وتهويلًا للخطب؛ أي: وأمطرنا على أهل تلك القرى الخارجين عنها في الأسفار وغيرها، حجارةً من سجيل. {مَنْضُودٍ}؛ أي: متتابع بعضه بعضًا في الإرسال، والنزول كقطار الأمطار، والنَّضَد: وضع الشيء بعضِه على بعضٍ، وهو نعتٌ لسجيل.
٨٣ - {مُسَوَّمَةً} نعت حجارة؛ أي: معلمة تلك الحجارة لا تُشْبِهُ حجارة الدنيا، أو باسم صاحبها الذي تصيبه وَيُرْمى بها {عِنْدَ رَبِّكَ} يا محمَّد؛ أي: كائنة في خزائنه التي لا يتصرف فيها أحد إلا الله. والمعنى: جاءت من عند ربك. وفي ذلك دليل على أنها ليسَتْ من حجارة الأرض، قاله الحسن، اهـ "قرطبي". وفي إمطار الحجارة قولانَ.
أحدهما: أنها أمطرَتْ على المدن حينَ رفعها جبريل، أو بعد القلب.
والثاني: أنها أمطرت على مَنْ لَمْ يكن في المُدُن من أهلها، وكان خارجًا عنها. رَوي أنَّ الحجر اتبع شذاذهم أينما كانوا في البلاد، ودخل رجل منهم الحرمَ، وكان الحجر معلقًا في السماء أربعين يومًا حتى خَرَج فأصابه فأهلكه. ولعل الإمطارَ على تلك القرى بعد القلب إنما هو لتكميل العقوبة، كالرجفة الواقعة بعد الصيحة لقوم صالح، ولتحصيل الهلاك لمسافريهم الخارجين من بلادهم لمصالحهم، وهو الظاهر، والله أعلم. والسجيل: الطين المتحجر بطبخ أو غيره. وقيل: هو الشديدُ الصلب من الحجارة. وقيل: السجيل: الكثير. وقيل غير ذلك. وهذا السجيل قد نضدَ، وتراكب بعضه في إثر بعضٍ بحيث يقع طائفة بعد طائفة، وقد وضع على تلك الأحجار سومة، أي: علامة خاصة في علم ربك، بحيث لا تصيب غير أهلها. وقد يكون المعنى: أنه سخَّرها عليهم،