للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} حال من {جَنَّاتِ}. والعامل (١) فيها ما في {المتقين} من معنى الفعل. والأبواب مرتفعة باسم المفعول، كقوله: {وَفُتِحَتْ أَبْوابُها}. والرابط بين الحال وصاحبها ضمير مقدر، إذ الأصل: أبوابها. وقيل: إن ارتفاع {الْأَبْوابُ} على البدل من الضمير في {مُفَتَّحَةً} العائد على {جَنَّاتِ}، وبه قال أبو علي الفارسي؛ أي: مفتحة هي الأبواب.

والمعنى (٢): أي حال كون تلك الجنات، مفتحة لهم الأبواب منها؛ أي: إذا وصلوا إليها، وجدوها مفتوحة الأبواب، لا يحتاجون إلى فتح بمعاناة، ولا يلحقهم ذل الحجاب، ولا كلفة الاستئذان، تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب والإكرام، يقولون: سلام عليكم بما صبرتم، فنعم عقبى الدار، وقيل: هذا مثل ما تقول: متى جئتني وجدت بابي مفتوحًا، لا تمنع من الدخول، فإن قيل: ما فائدة العدول عن الفتح إلى التفتح؟.

قلنا: المبالغة، وليست لكثرة الأبواب بل لعظمها، كما ورد من المبالغة في سعتها، وكثرة الداخلين، ويحتمل أن يكون للإشارة، إلى أن أسباب فتحها عظيمة شديدة، لأن الجنة قد حفت بالمكاره على وجه، لما رآها جبرائيل مع عظمة نعيمها قال: يا رب أنى هذه لا يدخلها أحد.

٥١ - وقوله: {مُتَّكِئِينَ فِيها} حال من ضمير {لَهُمُ}، والعامل فيه {مُفَتَّحَةً}؛ أي: حال كونهم، جالسين فيها جلسة المتنعمين للراحة. ولا شك أن الاتكاء على الأرائك دليل التنعم، ثم استأنفه لبيان حالهم في الجنات، فقال: {يَدْعُونَ فِيها}؛ أي: يسألون، ويطلبون في الجنات {بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}؛ أي: بألوان متنوعة متكثرة، وهي ما يؤكل للذة لا للغذاء، والاقتصار على دعاء الفاكهة للإيذان، بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ، دون التغذي، فإنه لتحصيل بدل المتحلل، ولا تحلل فيها. {وَشَرابٌ}؛ أي: ويدعون فيها أيضًا بشراب كثير؛ أي:


(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.