وتقييده بالوقت المذكور، ليس لتخصيصه به، فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت، وإن كان البدن على حاله، بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له.
٥٠ - وقد أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبهم ويعرفهم قدرته على بعثه إيّاهم بعد مماتهم، وإنشائه لهم كما كانوا قبل بلاهم خلقًا جديدًا على أي حال كانوا، عظامًا أو رفاتًا أو حجارةً أو حديدًا أو خلقًا مما يكبر في صدورهم، فقال:{قُلْ} يا محمد جوابًا لهم {كُونُوا} أيها المشركون المنكرون للإعادة {حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا}
٥١ - {أَوْ خَلْقًا} آخر {مِمَّا يَكْبُرُ} ويعظم {فِي صُدُورِكُمْ}؛ أي: في قلوبكم من قبول الحياة لكونه أبعد شيء منها، فإنكم مبعوثون، ومعادون لا محالة.
والمعنى (١): لو تكونون حجارة مع أنها لا تقبل الحياة بحالٍ أو حديدًا مع أنه أصلب من الحجارة، أو خلقًا آخر غيرهما كائنًا من الأشياء التي تعظم في اعتقادكم عن قبول الحياة، كالسموات والأرض، فلا بدّ من إيجاد الحياة فيكم، فإنّ قدرته تعالى لا تعجز عن إحيائكم لاشتراك الأجسام في قبول الأعراض، فكيف إذا كنتم عظامًا ممزّقةً، وقد كانت طريّةً موصوفةً بالحياة من قبل، والشّيء أقبل لما اعتيد فيه مما لم يعتد {فَسَيَقُولُونَ} تماديا في الاستهزاء {مَنْ} الذي {يُعِيدُنا} ويبعثنا بعد الموت؛ أي: من الذي يقدر على إعادة الحياة إلينا، إذا صرنا كذلك؟ وقد نسوا مبدأهم فلزمهم نسيان معيدهم. {قُلِ} إرشادا لهم إلى طريقة الاستدلال يعيدكم الإله القادر العظيم {الَّذِي فَطَرَكُمْ} وأنشأكم واخترعكم {أَوَّلَ مَرَّةٍ} على غير مثال سبق، وكنتم ترابًا ما شمّ رائحة الحياة، فهو المبدىء