الحق الموصل إلى كل خير، المنجي من كل شر، وما الرسول إلا ناصح، وهاد ومبلغ لكم، فإن أطعتموه لحظوظ أنفسكم أصبتم طريق الصواب، وإن خالفتموه .. أوقعتم أنفسكم في الهلكة.
والخلاصة: أن الرسول فعل ما يجب عليه من أداء الرسالة، وقد بقي عليكم أن تفعلوه. ونحو الآية قوله تعالى:{فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} وقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)}.
قيل: يجوز (١) أن يكون قوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} ماضيًا، وتكون الواو لضمير الغائبين، وتكون هذه الجملة الشرطية مما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول لهم، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة. والأول أرجح، ويؤيده الخطاب في قوله تعالى:{وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} وفي قوله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} ويؤيده أيضًا قراءة البزي {فَإِنْ تَوَلَّوْا} بتشديد التاء، وإن كانت ضعيفة، لما فيها من جمع الساكنين.
٥٥ - {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} الخطاب لعامة الكفرة. و (من) تبعيضية، أو له - صلى الله عليه وسلم - ولمن معه من المؤمنين. و (من) بيانية؛ أي: الذين هم أنتم. وتوسيط الظرف بين المعطوفين لإظهار أصالة الإيمان. والمفعول الثاني محذوف، تقديره: الاستخلاف في الأرض، وتمكين دينهم، وتبديل خوفهم بالأمن.
وأما قوله:{لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} فهو جواب لقسم محذوف، تقديره: وعدهم الله، وأقسم ليستخلفنهم في الأرض. وهذا الجواب، قال على المفعول المحذوف، أو جواب للوعد، بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق إنجازه لا محالة.
وهذه الجملة مقررة لما قبلها، من أن طاعتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبب لهدايتهم، وهذا وعد من الله سبحانه لمن آمن بالله وعمل الأعمال الصالحات،