للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقوله: {مُبْصِرَةً} اسم فاعل (١) أطلق على المفعول إشعارًا بأنها لفرط إنارتها ووضوحها للأبصار كانت بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت مما يبصر. {قَالُوا هَذَا} الذي جئت به يا موسى من الخوارق التي تشاهدها {سِحْرٌ مُبِينٌ} واضح سحريته؛ أي (٢): فلما جاءت فرعون وقومه أدلتنا الواضحة المنيرة الدالة على صدق الداعي أنكروها، وقالوا: هذا سحر وخيال لا حقيقة له، بين لائح في أنه خيال يدل على مهارة فاعله، وحذق صانعه.

وقرأ علي بن الحسين وقتادة مبصرة بفتح الميم والصاد؛ أي: مكانًا يكثر فيه البصر.

١٤ - ثم بين أن هذا التكذيب إنما كان باللسان فحسب، لا بالقلب، فقال: {وَجَحَدُوا بِهَا}؛ أي: وكذبوا بتلك الآيات بألسنتهم، ولم يقروا أنها من عند الله سبحانه، والواو: في قوله: {وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} للحال؛ أي: وقد أيقنتها أنفسهم، وعلمتها قلوبهم وضمائرهم علمًا يقينيًا أنها من عند الله وليست بسحر؛ أي: كذبوها بألسنتهم حالة كون أنفسهم مستيقنة لها. قال أبو الليث: وإنما استيقنتها قلوبهم؛ لأن كل آية رأوها استغاثوا بموسى، وسألوا منه بأن يكشف عنهم، فكشف عنهم، فظهر لهم بذلك أنها من الله تعالى.

وقوله: {ظُلْمًا} نفسانيًا {وَعُلُوًّا}؛ أي: استكبارًا شيطانيًا، علتان لـ {جَحَدُوا}؛ أي: جحدوا بها ظلما لتلك الآيات؛ إذ حطوها عن مرتبتها العالية، وسموها سحرًا وعلوًا؛ أي: ترفعًا عن الإيمان بها، وهم يعلمون أنها من الله سبحانه، أو حالان من {الواو} في {وَجَحَدُوا}؛ أي: حالة كونهم ظالمين لتلك الآيات ومترفعين عن الإيمان بها.

وقرأ عبد الله وابن وثاب والأعمش وطلحة وأبان بن تغلب: {وعليًا} بقلب {الواو} ياء، وكسر العين واللام، وأصله فعول، لكنهم كسروا العين إتباعًا. وروي ضمها عن ابن وثاب والأعمش وطلحة. والمعنى: أي وكذبوا بها


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.