سبحانه وتعالى:{بِمَا تَعْمَلُونَ} من إظهار الصدقات وإخفائها {خَبِيرٌ}؛ أي: عالم لا يخفى عليه شيء منه، ففيه ترغيب في الإسرار.
٢٧٢ - {لَيْسَ عَلَيْكَ} يا محمَّد {هُدَاهُمْ}؛ أي: هدى من خالفك حتى تمنعهم الصدقة؛ لأجل أن يدخلوا في الإِسلام، فتصدق عليهم لوجه الله تعالى، ولا توقف ذلك على إسلامهم، فلا يجب عليك أن تجعلهم مهتدين، وإنما عليك البلاغ والإرشاد والحث على المحاسن، والنهي عن القبائح، كالمن والأذى وإنفاق الخبيث. فأعلمه الله تعالى أنه إنما بعث بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه، فأما كونهم مهتدين: فليس ذلك عليك. {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}؛ أي: ولكن الله تعالى يوفق من يشاء هدايته، فيهديه إلى الدخول في الإِسلام. وأراد بالهداية هنا: هداية التوفيق، وأما هداية البيان والإرشاد والدعوة: فكانت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال تعالى:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. فلما نزلت هذه الآية .. أعطَوهُم وتصدقوا عليهم. {وَمَا تُنْفِقُوا}؛ أي: أيُّ شيءٍ تصرفونه في وجوه الخير كالفقراء وغيرهم {مِنْ خَيْرٍ}؛ أي: من مال {فَلِأَنْفُسِكُمْ}؛ أي: فثوابه لأنفسكم، لا ينتفع به في الآخرة غيرها، وحينئذٍ فلا تمنوا عليه إن أعطيتموه، ولا تؤذوه بالتطاول عليه، ولا تنفقوا من الخبيث، أو المعنى: وكل نفقة تنفقونها من نفقات الخير، ولو على كافر فإنما هو يحصل لأنفسكم ثوابه، فلا يضركم كفرهم {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} تعالى؛ أي: والحال أنكم لا تنفقون إلا ابتغاء وجه الله تعالى، وطلب رضوانه، أو المعنى: ولستم في صدقتكم على أقاربكم من المشركين تقصدون إلا وجه الله تعالى، فقد علم الله هذا من قلوبكم، فأنفقوا عليهم إذا كنتم تبتغون بذلك وجه الله في صلة رحم، وسد خلة مضطر، وليس عليكم اهتداؤهم حتى يمنعكم ذلك من الإنفاق عليهم. {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ}؛ أي: من مال على الفقراء {يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}؛ أي: يوفر ويعط لكم ثواب ذلك في الآخرة، والضمير في {يُوَفَّ} عائد على {ما}. ومعنى تَوفيَتِه: إجزال ثوابه {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}؛ أي: والحال أنكم لا تنقصون من ثواب أعمالكم شيئًا،