{لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ} بالنون الخفيفة، واللام الأولى؛ أعني قوله:{لَئِنْ آتَانَا} لام القسم. كما أشرنا إليه في الحل، واللام الثانية؛ أعني قوله:{لَنَصَّدَّقَنَّ}، لام الجواب للقسم
٧٦ - {فَلَمَّا آتَاهُمْ}؛ أي: فلما رزقهم الله سبحانه وتعالى، وأعطاهم ما طلبوا {مِنْ فَضْلِهِ} وعطائه {بَخِلُوا بِهِ} أي: بما آتاهم وأمسكوه عن الإنفاق في سبيل الله، فلم يتصدقوا منه بشيء، كما حلفوا به {وَتَوَلَّوْا}؛ أي: وأعرضوا عن طاعة الله وإخراج صدقات ما أعطاهم الله من فضله، إصلاح حالهم وحال أمتهم، كما عاهدوا الله عليه {وَهُمْ}؛ أي: والحال أنهم {مُعْرِضُونَ} بقلوبهم عن طاعة الله تعالى في جميع الأوقات قبل أن يعطيهم الله ما أعطاهم من الرزق وبعده.
والمعنى: لم يكن ذلك التولِّي عارضًا طارئًا، بل تولوا بكل ما أوتوا من قوةٍ، بحافز نفسيٍّ، ملك عليهم أمرهم، ومنعهم عن التصدق، بحيث إذا ذُكِّروا بما يجب عليهم .. لا يذكرون، وإذا دعوا لا يستجيبون.
٧٧ - {فَأَعْقَبَهُمْ} الله سبحانه وتعالى، وأورثهم بسبب البخل الذي وقع منهم، والإعراض عن الإنفاق {نِفَاقًا} وكفرًا كائنًا {فِي قُلُوبِهِمْ} متمكنًا منها، مستمرًّا فيها {إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} أي يلقون الله سبحانه وتعالى، ويرونه في الآخرة، وحكمة الجمع في هذه الضمائر مع أن سبب نزولها في شخص واحد: الإشارة إلى أن حكم هذه باق لكل من اتصف بهذا الوصف، من أول الزمان إلى آخره، وليس مخصوصًا بثعلبة، وهذا التفسير على أن الضمير في أعقبهم إلى الله تعالى، وقيل: من الضمير يرجع إلى البخل، والمعنى عليه: فأعقبهم ذلك البخل بما عاهدوا الله عليه، والتولِّي عنه بعد العهد الموثق بأوكد الإيمان، نفاقًا كائنًا في قلوبهم متمكنًّا منها، وملازمًا لها إلى يوم يلقون بخلهم؛ أي: جزاء بخلهم؛ أنه: ملازمًا لها إلى يوم الحساب في الآخرة؛ لأنه لا رجاء أمه في التوبة، يعني: أنه سبحانه حرمهم التوبة إلى يوم القيامة، فيوافونه على النفاق، فيجازيهم عليه، ومعنى {أَعْقَبَهُمْ} أن الله سبحانه جعل النفاق المتمكن في قلوبهم إلى تلك الغاية عاقبة ما وقع منهم من البخل، ثم ذكر الله سبحانه سببين هما من أخس أوصاف