للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأول: الكفر.

والثاني: أنهم لا يصلون في حال من الأحوال إلا في حال الكسل والتثاقل؛ لأنهم لا يرجون ثوابًا، ولا يخافون عقابًا، فصلاتهم ليست إلا رياءً للناس، وتظهرًا بالإسلام الذي يبطنون خلافه.

والثالث: أنهم لا ينفقون أموالهم إلا وهم كارهون، ولا ينفقونها طوعًا؛ لأنهم يعدون إنفاقها وضعًا لها في ضيعة لعدم إيمانهم بما وعد الله ورسوله.

وعبارة "زاده": أي (١) ما منعهم قبول نفقتهم إلا كفرهم وكسلهم في إتيان الصلاة، وكونهم كارهين الإنفاق. انتهت.

فإن قيل (٢): الكفر سبب مستقل، لعدم القبول، فما وجه التعليل بمجموع الأمور الثلاثة، وعند حصول السبب المستقل، لا يبقى لغيره أثر؟

قلنا: أجاب الإمام بأنه إنما يتوجه على قول المعتزلة، القائلين: بأن العلل مؤثرة في الحكم، وأما أهل السنة، فإنهم يقولون هذه الأسباب معرفةٌ غير موجبة للثواب ولا للعقاب، واجتماع المعرفات الكثيرة على الشيء الواحد جائزٌ. اهـ "شهاب".

٥٥ - والخطاب في قوله: {فَلَا تُعْجِبْكَ} يا محمد {أَمْوَالُهُمْ}؛ أي: كثرة أموالهم {ولا أولادهم}؛ أي: ولا كثرة أولادهم، الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن المراد جميع المؤمنين، والسامعين، أي فلا تعجبك أيها السامع كثرة أموالهم ولا أولادهم التي هي من أكبر النعم وأجلها ولا يجولن بخاطرك أنهم قد صغا لهم، نعيمها في الدنيا، وقد حرموا ثوابها في الآخرة، فإن ذلك استدراج ووبال لهم، كما أشار إليه بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} سبحانه وتعالى {لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا}؛ أي: بتلك الأموال والأولاد {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} بما يحصل لهم من الغم الحزن، عندئذٍ


(١) زاده.
(٢) الشهاب.