للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

دعا لأبيه، أم لا، كمن غرس شجرة يحصل له مِن أَكْلِ ثمرتها ثوابٌ، سواء دعا له مَنْ أَكَلَها، أم لم يدع، وكذلك الأُمُّ.

١١١ - {وَقَالُوا} معطوف (١) على {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} والضمير لأهل الكتاب من اليهود والنصارى، وتقدّم لك في الأسباب: أنَّ هذه المحاورة وقعت بين يهود المدينة ونصارى نجران، حينما اجتمعوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} لم يقل كانوا؛ حملًا للاسم على لفظ من، وجمع الخبر؛ حملًا على معناه، واليهود: جمع هائدٍ، اسم فاعل من هاد إذا تاب، نظير قوله: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} وكأنَّه في الأصل: اسم مدح لمن تاب من عبادة العجل، ثمّ صار بعد نسخ شريعتهم لازمًا لجماعتهم، كالعَلَم لهم، والنصارى: جمع نصران كسكران، والمعنى: أي قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديًّا، ولا دين إلّا دين اليهودية، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلّا من كان نصرانيًّا، ولا دين إلّا دين النصرانية، و {أَوْ} هنا للتفصيل.

وقدّمت اليهود على النصارى (٢)؛ لفظًا لتقدّمهم زمانًا {تِلْكَ} المقالة الباطلة وهي: أنّ الجنة لا يدخلها إلّا من كان هودًا أو نصارى. {أَمَانِيُّهُمْ}؛ أي: متمنِّياتهم الكاذبة التي تمنّوها من الله من غير حجة ولا برهان، وشهواتهم الباطلة التي لا أصل لها، وخيالاتهم العاطلة التي لا وجود لها، والأمانيُّ: جمع أمنيَّةٍ أفعولةٌ من التَّمنِّي وهي: ما يتمنَّى، كالأضحوكة، والأعجوبة، والتَّمنِّي: التشهِّي، والعرب تُسمِّي الكلام العاري عن الحجة تمنِّيًا، وغرورًا، وضلالًا، وأحلامًا مجازًا، وجمع (٣) الأمانيّ باعتبار صدورها عن الجميع من اليهود والنصارى، وعبارة "الصاوي" هنا: وإنّما جمع الخبر مع كون المبتدأ مفردًا؛ لأنّه في المعنى جمعٌ؛ لأنّه عائد على القولة، وهي بمعنى: المقالات باعتبار القائلين. اهـ.


(١) البيضاوي.
(٢) كرخي.
(٣) روح البيان.