والمعنى: أي (١) نمهلهم في الدنيا زمنًا قليلًا، يتمتعون فيه بزخارفها، ثم نلجئهم على كره منهم إلى عذاب شاق على نفوسهم، ونحو الآية قوله: {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (٧٠)}.
٢٥ - {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ}؛ أي: وعزتي وجلالي لئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين بالله من قومك: {مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}؛ أي: خلق الأجرام العلوية والسفلية {لَيَقُولُنَّ} في الجواب لك: خلقهن {اللَّهُ} سبحانه وتعالى، لغاية وضوح الأمر، بحيث اضطروا إلى الاعتراف به، وفي هذا إيماء إلى أنه قد بلغ من الوضوح مبلغًا لا يستطيعون معه الإنكار والجحود، ولما استبان بذلك صدقه - صلى الله عليه وسلم - وكذبهم .. قال آمرًا رسوله {قُلِ} يا محمد {الْحَمْدُ لِلَّهِ} على اعترافهم بما يوجب بطلان ما هم عليه من إشراك غيره تعالى به في العبادة التي لا يستحقها سوى الخالق المنعم على عباده، أو المعنى: فقل الحمد لله على ما هدانا من دينه.
ثم بين أنهم بلغوا الغاية في الجهل فهم يعترفون بالشيء ويعملون نقيضه، فقال:{بَلْ أَكْثَرُهُمْ}؛ أي: بل أكثر المشركين {لَا يَعْلَمُونَ} من له الحمد، وأين موضع الشكر، فهم مع تكذيبك يعترفون بما يوجب تصديقك، أو لا يعلمون شيئًا من الأشياء، فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم بأن يتركوا الشرك، ويعبدوا الله وحده.
٢٦ - ولما أثبت لنفسه الإحاطة بأوصاف الكمال .. استدل على ذلك بقوله:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}؛ أي: له سبحانه وتعالى لا لغيره جميع ما في السماوات والأرض، ملكًا وخلقًا وتصرفًا، وليس ذلك لأحد سواه، فلا يستحق العبادة غيره تعالى {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {هُوَ الْغَنِيُّ} بذاته وصفاته قبل خلق السماوات والأرض وبعده لا حاجة به في وجوده وكماله الذاتي إلى شيء أصلًا، وغني عن