للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤٠ - {وَأَنَّ سَعْيَهُ}؛ أي: سعي الإنسان. وهو عمله، كما في قوله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤)}. وهو مع خبره معطوف على ما قبله من قوله: {أَلَّا تَزِرُ} إلخ، على معنى: أنّ المذكورات كلها في الصحف، أي: ومما في صحفهما أن سعيه {سَوْفَ يُرَى}؛ أي: يعرض عليه، ويكشف له يوم القيامة في صحيفته، وميزانه. من أريته إذا عرضته عليه. أو يراه أهل الموقف، ويطلعون عليه تشريفًا للمحسن وتوبيخًا للمسيء.

٤١ - {ثُمَّ يُجْزَاهُ} أي: ثم يجزى الإنسان سعيه؛ أي: جزاء عمله. فالضمير المرفوع عائد إلى الإنسان، والمنصوب إلى سعيه. {الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}؛ أي: الجزاء الأوفر الكامل الأتم، إن خيرًا فخبر، وإن شرًا فشر. وهو مفعول مطلق مبين للنوع. وفي قوله: {الْأَوْفَى} وعيد للكافر، ووعد للمؤمن.

٤٢ - {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢) أي: ومما في صحفهما أن انتهاء الخلق في رجوعهم إلى الله تعالى بعد الموت إلى ربك، لا إلى غيره لا استقلالًا، ولا اشتراكًا، فيجازيهم بأعمالهم. وفي الحقيقة انتهاء الخلق إليه تعالى في البداية والنهاية {إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}. إذ لا إله إلا هو؛ أي: وأن مرجع الأمور يوم المعاد إلى ربك. فيحاسبهم على النقير والقطمير، ويثيبهم أو يعاقبهم بالجنة أو النار، وفي هذا تهديد بليغ للمسيء، وحث شديد للمحسن، وتسلية لقلبه - صلى الله عليه وسلم -. كأنّه يقول له: لا تحزن أيها الرسول، فإن المنتهى إلى الله سبحانه. وقرأ الجمهور (١) {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ}، وما بعدها من {وأنّه}، و {أنّ} بفتح الهمزة عطفًا على ما قبلها، وقرأ أبو السمال بالكسر فيهن.

٤٣ - {وَ} مما في صحفهما {أَنَّهُ} سبحانه وتعالى {هُوَ} وحده {أَضْحَكَ وَأَبْكَى}، أي: خلق قوتي الضحك والبكاء في الإنسان منهما ينبعث الضحك والبكاء. والإنسان لا يعلم ما تلك القوة. والضحك (٢): انبساط الوجه، وتكشر الأسنان من سرور النفس. والبكاء بالمد: سيلان الدمع عن حزن. وقيل: هما كنايتان عن السرور، والحزن. كأنه قل: أفرح، وأحزن. لأنَّ الفرح يجلب الضحك، والحزن يجلب البكاء، أو عما يسر ويحزن. وهو الأعمال الصالحة، والأعمال السيئة. أو


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.