للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المجد بين ثوبيه، والكرم بين برديه، كما في "بحر العلوم". قال أهل السنة: كل من اتقى الشرك، صدق عليه أنه متق، فيدخل الفساق في الوعد، يقول الفقير: الظاهر أن المطلق مصروف على الكامل بقرينة أن المقام مقام الامتنان، والكامل والمؤمن المطيع كما أشرنا إليه في عنوان الآية، نعم يدخل العصاة فيه انتهاءً وتبعيةً لا ابتداءً وأصالة. كما يدل عليه الوعيد الوارد في حقهم، وإلا لاستوى المطيع والعاصي، وقد قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} عفا الله عنا وعنكم أجمعين.

وقرأ عبد الله بن عمر وزيد بن علي وأبو جعفر وشيبة والأعرج والحسن وقتادة ونافع وابن عامر (١): {في مقام} بضم الميم، وقرأ أبو رجاء وعيسى ويحيى والأعمش وباقي السبعة: بفتحها، وعلى القراءة الأولى هو موضع الإقامة، وعلى القراءة الثانية هو موضع القيام، قاله الكسائي وغيره، وقال الجوهري: قد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون بمعنى موضع القيام.

٥٢ - وقوله: {فِي جَنَّاتٍ} وبساتين {وَعُيُونٍ} وأنهار، بدل من {مَقَامٍ}، أو بيان له، أو خبر ثان جيء به دلالةً على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب، والمراد (٢) بالعيون: الأنهار الجارية، والتنكير فيهما للتعظيم،

٥٣ - وقوله: {يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} خبر ثان أو ثالث، أو حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور، والسندس ما رقَّ من الحرير، يجري مجرى الشعار لهم، وهو اللين من الدثار في المعتاد، والإستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه، يجري مجرى الدثار، وهو أرفع نوع من أنواع الحرير، والحرير نوعان: نوع كلما كان أرق كان أنفس، ونوع: كلما كان أرزق بكثرة الإبريسم كان أنفس، يقول الفقير: يحتمل عندي أن يكون السندس لباس المقربين، والإستبرق لباس الأبرار يدل عليه أن شراب المقربين هو التسنيم الخالص، وشراب الأبرار هو الرحيق الممزوج به.


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.