للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلى أن كذبك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومقتك، فأنزل الله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، فبعث إليّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقرأ فقال: إن الله قد صدقك يا زيد .. الحديث. أخرجه مسلم، والترمذي، وأحمد، والحاكم أطول مما هاهنا، وقال: صحيح، وأقرّه الذهبي وابن جرير.

قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ...} الآيات، سبب نزولها: ما أخرجه البخاري - أيضًا - عن محمد بن كعب القرظي قال: سمعت زيد بن أرقم رضي الله عنه لما قال عبد الله بن أبي: لا تنفقوا على من عند رسول الله، وقال أيضًا: لئن رجعنا إلى المدينة، أخبرت به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلامني الأنصار، وحلف عبد الله بن أبي ما قال ذلك، فرجعت إلى المنزل، فنمت، فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته، فقال: إن الله قد صدقك ونزَّل: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ...} الحديث أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

التفسير وأوجه القراءة

١ - {إِذَا جَاءَكَ} وحضرك {الْمُنَافِقُونَ}؛ أي (١): حضروا مجلسك ووصلوا إليك. جمع منافق، والمنافق: هو الذي يضمر الكفر اعتقادًا ويظهر الإيمان قولًا. والنفاق: إظهار الإيمان باللسان وكتمان الكفر في الجنان. وفي "المفردات": النفاق: الدخول في الشرع من باب والخروج منه من باب. {قَالوا}: مؤكدين كلامهم بـ {إن} و {اللام}: للإيذان بأن شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلوبهم وخلوص اعتقادهم ووفور رغبتهم ونشاطهم.

والظاهر: أنه الجواب؛ لأن الآية نظير قوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}. وقيل: جوابه محذوف، و {قَالوا} حال، والتقدير: جاؤوك قائلين كيت وكيت، فلا تقبل منهم. وقيل: الجواب {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} وهو بعيد، وقيل: جوابه قوله: {فَصَدُّوا}، وقيل: استئناف لبيان طريق خدعتهم؛ أي: قالوا:


(١) روح البيان.