للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ ...} الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنَّ الله سبحانه وتعالى، لما ذكر (١) أنّه ابتلى إبراهيم بكلمات فأتمَّهنّ، وأنّه عهد إليه ببناء البيت، وتطهيره للعبادة، فصدع بما أمر .. أردف ذلك بذكر أنَّ ملّة إبراهيم التي كان يدعو إليها، وهي التوحيد، وإسلام القلب لله، والإخلاص له في العمل لا ينبغي التحوُّل عنها، ولا يرضى عاقلٌ أن يتركها إلّا إذا ذلَّ نفسه، واحتقرها، وبها وصَّى يعقوب بنيه، ووصَّى بها من قبله إبراهيم بنيه، ثم ردَّ على شُبْهةٍ لليهود، إذْ قالوا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ يعقوب كان يهوديًّا وكذَّبهم بما قال له بنوه حين موته: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ ... إِلَهًا وَاحِدًا}.

أسباب النزول

قوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ...} الآية، قد روي في سبب نزول هذه الآية: أنَّ عبد الله بن سلام، دعا ابني أخيه سلمة ومهاجرًا إلى الإِسلام، قال لهما: قد علمتما أنَّ الله تعالى قال في التوراة: إنّي باعثٌ من ولد إسماعيل نبيًّا اسمه أحمد، من آمن به فقد اهتدى، ومن لم يؤمن فهو ملعون، فأسلم سلمة، وأَبَى مهاجرٌ الإِسلام، فنزلت فيه هذه الآية، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هي القاعدة، عندهم وفيه تعريضٌ لليهود، والنصارى، ومشركي العرب.

التفسير وأوجه القراءة

ثُمَّ قال تعالى: حكايته عن قصة بناء البيت العتيق:

١٢٧ - {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ} فيه (٢) حكايته حالٍ ماضيةٍ، حيث عبَّر بلفظ المضارع عن الرفع الواقع في الزمان المتقدِّم على زمان نزول الوحي، بأن يقدَّر ذلك الرفع السابق واقعًا في الحال، كَأنَّكَ تُصَوِّرُه للمخاطب، وتُرِيْهِ على وَجْهِ المشاهدةِ والعِيان {الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} جمع


(١) المراغي.
(٢) روح البيان.