للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المرض على وجه التقريب، لا على وجه التحديد، كما أن في ذلك إيماء، إلى أن الماء كان من المياه الكبريتية، ذات الفائدة الناجحة في تلك الأمراض. وهي كما تفيد بالاستعمال الظاهري تفيد بالشرب أيضًا، كما نرى في العيون التي في البلاد، التي أنشئت فيها الحمامات في أوروبا ومصر والحبشة وغيرها، واستعملت مصحات للأمراض الجلدية والأمراض الباطنية، كمياه فيشي، وسويسرا، وحلوان، وكوسم، وعرر من الحبشة.

٤٣ - وكما دفع عنه سبحانه الضر، إجابة لدعائه، أجاب دعاءه في أهله وولده، فقال: {وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ} معطوف (١) على مقدر؛ أي: فاغتسل وشرب، فكشفنا بذلك ما به من ضر، كما في سورة الأنبياء، ووهبنا له أهله، وكانوا ثلاثة عشر، روى الحسن: أن الله تعالى، أحياهم بعد هلاكهم؛ أي: بما ذكر من أن إبليس هدّم عليهم البناء فماتوا. {وَ} وهبنا له {مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} عطف على {أَهْلَهُ}. فكان له من الأولاد ضعف ما كان له قبل؛ أي: زاده على ما كان قبل البلاء، فكانوا مثلي ما كانوا من قبل ابتلائه، وانتصاب قوله: {رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ} مفعولان لأجله؛ أي: ووهبناهم له لأجل رحمة عظيمة عليه من عندنا، ولتذكير أصحاب العقول السليمة بذلك، ليصبروا على الشدائد كما صبر، ويلجؤوا إلى الله تعالى، فيما ينزل بهم، كما لجأ هو إليه، ليفعل بهم مثل ما فعل به من حسن العاقبة.

والمعنى (٢): أي وجمعنا له أهله بعد التفرق والتشتت، وأكثرنا نسلهم حتى صاروا ضعف ما كانوا عليه رحمة منا، وتذكرة لأصحاب العقول السليمة، لتعتبر وتعلم أن رحمة الله قريب من المحسنين، وأن من العسر يسرًا، وأن الإنسان لا يقنط من الفرج بعد الشدة:

عَسَى فَرَجٌ يَأْتِيْ بِهِ اللهُ إِنَّهُ ... لَهُ كُلَّ يَوْمٍ فِيْ خَلِيْقَتِهِ أَمْرُ

ولم يذكر لنا الكتاب الكريم، ماذا كانت حاله في ماله؟، فنُمسك عن


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.