للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اطمئنان النفس وبرد اليقين:

١ - {قَالُوا}؛ أي: السحرة المؤمنون {لَا ضَيْرَ}؛ أي: لا ضرر علينا في تنفيذ وعيدك، ولا نبالي به؛ لأن كل حي لا محالة ميت:

وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ ... تَعَدَّدَتِ الأسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدُ

ونحو ذلك قول علي - كرم الله وجهه -: لا أبالي أوقعت على الموت، أم وقع الموت عليّ {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ}؛ أي: راجعون فيثيبنا بالصبر على ما فعلت، ويجازينا على الثبات على التوحيد، وفي الآية دلالة على أن للإنسان أن يظهر الحق وإن خاف القتل.

والمعنى: أي (١) لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا، فإن ذلك يزول ويذهب، وننقلب بعده إلى ربنا فيعطينا من النعيم الدائم ما لا يحد ولا يوصف، قال الهروي: لا ضير، ولا ضرر، ولا ضرّ بمعنى واحد، وأنشد أبو عبيدة:

فَإِنَّكَ لاَ يَضُرُّكَ بَعْدَ حَوْلٍ ... أَظَبْيٌ كَانَ أُمّكَ أَمْ حِمَارُ

قال الجوهري: ضاره يضوره ويضيره ضيرًا وضورًا؛ أي: ضره، قال الكسائي: سمعت بعضهم يقول: لا ينفعني ذلك ولا يضورني.

٢ - ٥١ {إِنَّا نَطْمَعُ} ونرجوا {أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا} السالفة من الشرك وغيره، ثم عللوا هذا بقولهم: {أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} بفتح همزة {أَن}، والجملة في المعنى تعليل ثان لنفي الضير، أو تعليل للعلة المتقدمة كما في "البيضاوي"؛ أي: لأن كنا أول المؤمنين بموسى من أتباع فرعون، أو من أهل المشهد بعد ظهور الآية، وقال الفراء: أول مؤمني زمانهم. وأنكره الزجاج وقال: قد روي أنه آمن معهم ست مئة ألف وسبعون ألفًا؛ وهم الشرذمة القليلون الذين عناهم فرعون بقوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤)}، وأجاز الفراء والكسائي كسر همزة إن على أن يكون مجازاة، والمعنى؛ أي: ولأنا نأمل أن يغفر لنا ربنا ما فعلنا من


(١) الشوكاني.