للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الجمهور (١): {بُنْيَانَهُمْ}، وقرأت فرقة {بنْيَتُهم} وقرأ جعفر: {بَيْتهُم} والضحاك: {بيوتهم}، وقرأ الجمهور: {السَّقْفُ} مفردًا، والأعرج {السقف} بضمتين، وزيد بن علي ومجاهد بضم السين فقط، وتقدم توجيه مثل هاتين القراءتين في: {وبالنجم}، وقرأت فرقة ({السَّقُف} بفتح السين وضم القاف، وهي لغة في السقف ولعل السقف مخفف منه، ولكنه كثر استعماله، كما قالوا في رجل رجل وهي لغة تميمية.

٢٧ - وبعد أن بين سبحانه ما حل بأصحاب المكر في الدنيا من العذاب والهلاك .. بين حالهم في الآخرة فقال: {ثُمَّ} بعد ما عجل لهم العذاب في الدنيا إن ربك: {يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ} ويذلهم ويهينهم بعذاب أليم؛ أي (٢): يذل أولئك المفترين والماكرين والذين من قبلهم جميعًا بعذاب الخزي على رؤوس الأشهاد. وفيه (٣) إشهار بأن العذاب يحصل لهم في الدنيا والآخرة، لأن الخزي هو العذاب مع الهوان، وأصل الخزي ذل يستحيى منه، وثم لتفاوت ما بين الجزاءين {وَيَقُولُ} لهم حين ورودهم عليه، على سبيل الاستهزاء والسخرية والتوبيخ، والفضيحة لهم، فهو إلى آخره بيان للإخزاء {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ} تزعمون في الدنيا أنهم شركائي، وكنتم {تُشَاقُّونَ}؛ أي: تخاصمون الأنبياء والمؤمنين {فِيهِمْ}؛ أي: في شأنهم، بأنهم شركاء أحقاء، حين بينوا لكم بطلانها، وهلا تحضرونهم اليوم ليدفعوا عنكم ما يحل بكم من العذاب، فقد كنتم تعبدونهم في الدنيا وتتولونهم، والولي ينصر وليه، والمراد من المشاقة فيهم مخاصمة الأنبياء وأتباعهم في شأنهم، وزعمهم أنهم شركاء حقًّا، حين بينوا لهم ذلك، والمراد بالاستفهام عن ذلك الاستهزاء والتبكيت والتوبيخ والاحتقار لشأنهم، إذ كانوا يقولون: إن صح ما تدعون إليه من عذابنا فالأصنام تشفع لنا، والاستفسار عن مكانهم لا يوجب غيبتهم حقيقةً، بل يكفي ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون أنهم متصفون به، من عنوان الإلهية، فليس هناك


(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) الخازن.