للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{فَخَرَّ}؛ أي: سقط {عَلَيْهِمُ السَّقْفُ}؛ أي: سقف بنائهم {مِنْ فَوْقِهِمْ} فأهلكهم، وقوله: {مِنْ فَوْقِهِمْ} للتأكيد؛ لأن السقف لا يخر إلا من فوقهم، وقيل (١) جاء بفوقهم وعليهم، للإيذان بأنهم كانوا تحته، فإن العرب لا تقول سقط علينا البيت وليسوا تحته، روي أنه هبت عليه ريحٌ هائلة فألقت رأسه في البحر، وخر الباقي عليهم، ولما سقط الصرح تبلبلت الألسن من الفزع يومئذٍ، فتكلموا ثلاثة وسبعين لسانًا، فلذلك سميت ببابل، وكان لسان الناس قبل ذلك بالسريانية كما مر.

هذا (٢) إذا حملنا تفسير الآية على القول الأول، وهو ظاهر اللفظ، وإن حملنا تفسير الآية على القول الثاني، وهو حملها على العموم .. كان المعنى أنهم لما رتبوا منصوبات ليمكروا بها أنبياء الله تعالى، وأهل الحق من عباده .. أهلكهم الله تعالى، وجعل هلاكهم مثل هلاك قوم بنوا بنيانًا شديدًا ودعموه، فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم سقف بنيانهم، فأهلكهم، شبهت حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكايد، وإبطاله تعالى تلك الحيل، وجعله تعالى إياها أسبابًا لهلاكهم، بحال قوم بنوا بنيانًا وعمدوه بالأساطين، فضعضعت تلك الأساطين، فسقط عليهم السقف، فهلكوا، فو مثل ضربه الله تعالى لمن مكر بآخر فأهلكه الله بمكره، ومنه المثل السائر على ألسنة الناس: من حفر لأخيه قليبًا وقع فيه قريبًا.

{وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ}، أي: وجاءهم الهلاك بالريح {مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} بإتيانه منه، بل يتوقعون إتيان مقابله مما يريدون ويشتهون، أو أنهم اعتمدوا على منصوباتهم، ثم تولد البلاء منها بأعيانها.

والمعنى: أن هؤلاء الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير الأولين سيأتيهم في الدنيا من العذاب مثل ما أتاهم، من جهة لا تخطر ببالهم.

وخلاصة ذلك: أن الله تعالى أحبط أعمالهم، وجعلها وبالًا عليهم ونقمة لهم.


(١) روح البيان.
(٢) الخازن.