للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد جاء في مدح البكاء من خشية الله تعالى أخبار كثيرةٌ (١):

فقد روى الترمذي عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله تعالى، وعين باتت تحرس في سبيل الله تعالى».

وأخرج مسلم، والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا اجتمع على عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم».

وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وغيرهما عن عبد الأعلى التميمي، أنه قال: إن من أوتي من العلم ما لم يبكه .. لخليق أن قد أوتي من العلم ما لا ينفعه؛ لأنّ الله تعالى نعت أهل العلم فقال: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ}.

١١٠ - ثم رد على المشركين المنكرين إطلاق اسم الرحمن عليه عز وجل فقال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ}؛ أي: قل يا محمد لمشركي قومك الذين أنكروا اسم الرحمن، ادعوا الله؛ أي: سموا أيها القوم معبودكم الحقّ باسم الله إن شئتم، أو باسم الرحمن، إن شئتم؛ أي: قولوا في دعائه إن شئتم: يا الله، وإن شئتم قولوا: يا رحمن {أَيًّا ما تَدْعُوا}؛ أي: أي اسم من هذين الاسمين تدعوه به، فهو من أسمائه {فَلَهُ}؛ أي: لأنّ له سبحانه أسماء هي {الْأَسْماءُ} الكثيرة، {الْحُسْنى} لدلالتها على الكمال والجلال فمعنى حسن أسماء الله تعالى كونها مفيدة لمعاني التّحميد، والتّقديس، والتمجيد، والتّعظيم؛ أي: فبأي اسمين منهما تسمونه فهو حسن، لأنّ كل أسمائه حسنى؛ إذ فيها التعظيم، والتقديس لأعظم موجود، وهو خالق السموات والأرض، وهذان الاسمان منها.

قال البيضاوي: والدعاء (٢) في الآية بمعنى التسمية، وهو يتعدى إلى مفعولين، حذف أولهما استغناء عنه، وأو للتخيير، والتنوين في أيا، عوض عن المضاف إليه، و {ما} صلة لتأكيد ما في أي من الإبهام، والضمير في {فَلَهُ}


(١) المراغي.
(٢) البيضاوي.