به، فهو معطوف على {أَنَّهُ اسْتَمَعَ}؛ أي: وأوحي إلى أن الجن {ظَنُّوا} أن لن يبعث الله أحدًا من الرسل إلى خلقه بالتكاليف، أو أن لن يبعث الله الخلق بعد الموت للجزاء {كَمَا ظَنَنْتُمْ} أيها المشركون {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} من الرسل أو أحدًا من الخلق للجزاء يوم القيامة. أو إلى الإنس إن قلنا: إنه من كلام مؤمني الجن لكفّارهم حين رجعوا إلى قومهم منذرين، فيكون مقولًا لـ {قالوا}، على أنّ {أنّ} المفتوحة مستعملة استعمال إن المكسورة، أي: فقالوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}، وقالوا لكفّارهم حين رجعوا إليهم منذرين: إن الإنس الذين اتبعتموهم ظنوا أن لن يبعث الله أحدًا من الرسل أو أحدًا من الخلق للجزاء، كما ظننتم كذلك. و {أن} في قوله: {أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} مخفّفة من الثقيلة، والجملة (١) سادة مسد مفعولي {ظَنُّوا}، وأعمل الأول على مذهب الكوفيين؛ لأنّ {ما} في {كَمَا ظَنَنْتُمْ} مصدرية فكان الفعل بعدها في تأويل المصدر، والفعل أقوى من المصدر في العمل. والظاهر: أن المراد بعثة الرسالة؛ أي: لن يبعث الله أحدًا بالرسالة بعد عيسى، أو بعد موسى يقيم به الحجة على الخلق. ثم إنه بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين، فآمنوا به. فافعلوا أنتم يا معشر الجن مثل ما فعل الإنس. وقيل: بعد القيامة؛ أي: لن يبعث الله أحدًا بعد الموت للحساب والجزاء.
٧ - ٨ {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} معطوف على قوله: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}؛ أي: وقال الجن بعضهم لبعض: إنّا طلبنا بلوغ السماء لاستماع ما يقول الملائكة من الحوادث أو خبرها للإفشاء، بين الكهنة. واللمس مستعار من المس للطلب، شبه الطلب بالمسّ واللمس باليد في كون كل واحد منهما وسيلة إلى تعرّف حال الشيء، فعبر عنه بالمس واللمس، واللمس: إدارك بظاهر البشرة كالمس، ويعبر به عن الطلب. قال في "كشف الأسرار": ومنه حديث: إنّ رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّ امرأتي لا تدع عنها يد لامس؛ أي: لا ترد يد طالب حاجة صفرًا، يشكو تضييعها ماله. {فَوَجَدْنَاهَا}؛ أي: السماء اليوم {مُلِئَتْ حَرَسًا}؛ أي: حرّاسًا وحفظة من الملائكة يمنعون الجن عنها. و {حَرَسًا} محرَّكًا اسم جمع لحارس بمعنى حافظ كخدم لخادم مفرد اللفظ ولذلك قيل: {شَدِيدًا} بالإفراد؛ أي: قويًّا، ولو كان جمعًا لقيل: