للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٧٠ - وفي هذه الآية (١): تعليم لهذه الأمة، بما ينبغي لهم أن يجيبوا به من أراد الجدال بالباطل. وقيل: إنها منسوخة بآية السيف. وجملة قوله: {أَلَمْ تَعْلَمْ} مستأنفة، مقررة لمضمون ما قبلها، والاستفهام فيه للتقرير؛ أي: قد علمت يا محمد وتيقنت {أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} ومن جملة ذلك ما أنتم فيه مختلفون.

والمعنى: أي قد علمت يا محمد، أن علم الله محيط بما في السموات وما في الأرض، لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، وهو حاكم بين خلقه يوم القيامة، على علم منه، بما عملوه في الدنيا، فمجازي المحسن منهم بإحسانه، والمسيء بإساءته. ثم أكد علمه بقوله: {إِنَّ ذَلِكَ} الذي في السماء والأرض من معلوماته {فِي كِتَابٍ}؛ أي: مكتوب عنده في أم الكتاب، واللوح المحفوظ الذي كتب فيه كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، قبل أن يخلقه، فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به. وحفظنا له. {إِنَّ ذَلِكَ}؛ أي: إن الحكم منه سبحانه بين عباده فيما يختلفون فيه. {عَلَى اللَّهِ} سبحانه {يَسِيرٌ}؛ أي: سهل غير عسير، أو إن إحاطة علمه بما في السماء والأرض وإثباته في اللوح المحفوظ يسير عليه، إذ لا يخفى عليه شيء، ولا يتعسر عليه مقدور.

٧١ - ثم حكى سبحانه بعض أباطيل المشركين، وأحوالهم الدالة على سخافة عقولهم، فقال: {وَيَعْبُدُونَ}؛ أي: ويعبد هؤلاء المشركون بالله {مِنْ دُونِ اللَّهِ} سبحانه وتعالى {مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ}؛ أي: أصناماً لم ينزل الله بجواز عبادتها {سُلْطَانًا}؛ أي: حجة وبرهانًا من السماء في كتاب من كتبه، التي أنزلها على رسله {وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ}؛ أي: ويعبدون ما ليس لهم علم، من ضرورة العقل، بجواز عبادته، أو بأنه إله. وهي الأصنام المذكورة، وإنما هو أمر تلقوه عن آبائهم وأسلافهم بغير حجة ولا برهان.

والخلاصة (٢): ويعبدون من دون الله ما لم يقم عليه دليل من الوحي، ولا


(١) الشوكاني.
(٢) المراغي.