للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: قد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه نزل بعدها بمكة {تَبَارَكَ} الملك وغيرها من السور، انتهى.

وقال في "فتح الرحمن": والظاهر أنه من الإخبار بالغيب. فإنّ السورة مكية، وذلك الكيد كان وقوعه ليلة الهجرة. ثم أهلكهم الله تعالى ببدر عند إنتهاء سنين. عدتها عدة ما هنا من كلمة {أَمْ}. وهي خمس عشرة. فإن بدرًا كانت في الثانية من الهجرة. وهي الخامسة عشرة من النبوة. وأذلهم في غير موطن. ومكر سبحانه بهم: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٥٤)}.

{فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ} القصر فيه إضافي؛ أي: هم الذين يحيق بهم كيدهم، أو يعود عليهم وباله، لا من أرادوا أن يكيدوه. فإنه المظفر الغالب عليهم قولًا وفعلًا حجةً وسيفًا، أو هم المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته. فالمراد: ما أصابهم يوم بدر من القتل، كما مرّ آنفًا.

٤٣ - {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} يعينهم، ويحرسهم من عذابه تعالى؛ أي: بل أيدعون أن لهم إلهًا غير الله تعالى يحفظهم، ويرزقهم، وينصرهم.

ثم نزه سبحانه نفسه عن هذه المقالة الشنيعة، فقال: {سُبْحَانَ اللَّهِ}؛ أي: تنزه الله تعالى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} أي (١) عن إشراكهم به. فما مصدرية، أو عن شركة ما يشركونه به، فما موصولة. والمضاف مقدر، وكذا العائد.

٤٤ - ثم ذكر سبحانه بعض جهالاتهم، فقال: {وَإِنْ يَرَوْا}؛ أي: وإن يرى هؤلاء المشركون {كِسْفًا} أي: قطعة {مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا} عليهم لتعذيبهم. وفي "عين المعاني": قطعة من العذاب، أو من السماء، أو جانبًا منها. من الكسف وهو التغطية، كالكسوف. والكسف والكسفة بمعنى واحد. وهو القطعة من الشيء. {يَقُولُوا} من فرط طغيانهم، وشدة عنادهم: هو {سَحَابٌ مَرْكُومٌ}؛ أي: متراكم غليظ يمطرنا؛ أي: هم في طغيان بحيت لو أسقطناه عليهم حسبما قالوا: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} لقالوا: هذا السحاب سحاب تراكم؛ أي: ألقي بعضه على بعض يمطرنا، ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب.


(١) روح البيان.