وهذه الأنواع الأربعة تفصيل للفرش فـ {قُلْ} لهم أيها الرسول تبكيتا وتوبيخا وإنكارا عليهم {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ}؛ أي: هل حرم الله سبحانه وتعالى الذكرين الكبش والتيس من ذينك النوعين؟ {أَمِ} حرم {الْأُنْثَيَيْنِ} النعجة والعنز (أم) حرم {ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ}؛ أي: ما حملته إناث النوعين ذكرا كان أو أنثى؟ أي: قل لهم إن كان حرم الذكور .. فكل ذكر حرام، وإن كان حرم الإناث .. فكل أنثى حرام، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين، يعني؛ من الضأن والمعز .. فكل مولود حرام ذكرا كان أو أنثى، وكلها مولود، فيستلزم أن كلها حرام، فمن أين أخذتم تحريم البحائر والسوائب مثلا، وتحليل غيرها. وقوله:{آلذَّكَرَيْنِ} فيه قراءتان لا غير، مد الهمزة مدا لازما بقدر ثلاث ألفات، وتسهيل الهمزة الثانية على حد قوله في «الخلاصة»:
وايمن همز أل كذا ويبدل ... مدّا في الاستفهام أو يسهّل
{نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ}؛ أي: أخبروني ببينة وحجة تدل على ذلك من كتاب الله، أو خبر من أنبيائه {إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} في دعوى التحريم، والمراد من هذا التبكيت لهم، وإلزام الحجة؛ لأنه يعلم أنه لا علم عندهم وَأنشأ لكم
١٤٤ - {مِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ}؛ أي: زوجين الجمل والناقة {وَ} أنشأ لكم {مِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ}؛ أي: زوجين الثور والبقرة فـ {قُلْ} لهم يا محمد تبكيتا وتقريعا لهم {آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ}؛ أي: هل حرم الله سبحانه وتعالى الذكرين الجمل والثور؟ {أَمِ}{الْأُنْثَيَيْنِ} منهما الناقة والبقرة؟ (أم) حرم {ما اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ}؛ أي: ما حملته إناث النوعين يعني من الإبل والبقر ذكرا كان أو أنثى؟
وخلاصة ذلك: أن المشركين في الجاهلية كانوا يحرمون بعض الأنعام، فاحتج سبحانه على إبطال ذلك بأن لكل من الضأن والمعز، والإبل والبقر ذكرا وأنثى، فإن كان قد حرم منها الذكر .. وجب أن يكون كل ذكورها حراما، وإن كان حرم جل شأنه الأنثى .. وجب أن يكون كل إناثها حراما، وإن كان حرم ما اشتملت عليه أرحام الإناث .. وجب تحريم الأولاد كلها؛ لأن الأرحام تشتمل على الذكور والإناث.