للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوقوف على الأبواب من دنس الدناءة والرزانة. وأفضل لكم في دينكم ودنياكم؛ لأن رب الدار قد يستوحش ويتأذى بوقوف غيره على بابه بعد منع الاستئذان. ولما في ذلك من الدناءة والتسكع على بيوت الناس، وربما ظُنَّ بأهل البيت سوءٌ من وقوف الأجانب على أبوابهم، {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} لا تخفى عليه من أعمالكم خافية، فيعلم ما تأتون وما تذرون مما كلفتموه، فيجازيكم عليه. وفي ذلك توعد لأهل التجسس على البيوت، وطلب الدخول على غيره، والنظر لما لا يحل.

٢٩ - ولما بين سبحانه حكم البيوت المسكونة .. بين حكم البيوت غير المسكونة، فقال: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ} أيها المؤمنون {جُنَاحٌ}؛ أي: إثم ولا حرج في {أَنْ تَدْخُلُوا} بغير استئذان {بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ}؛ أي: غير معدة لمسكنى قوم معينين، وطائفة مخصوصة فقط، بل هي معدة لينتفع ويتمتع بها من يحتاج ويضطر إليها كائنًا من كان، من غير أن يتخذها سكنًا. كالفنادق والحوانيت والحمامات والرُّبَط ونحوها؛ فإنها معدة لمصالح الناس كافةً، كما ينبىء عنه قوله تعالى: {فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ} فإنه صفة للبيوت؛ أي: لكم فيها حق التمتع والانتفاع بها، كالمبيت فيها والاستكنان بها من الحر والبرد، وإيواء الأمتعة والرحال، والشراء والبيع، والاغتسال فيها، وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها، كقضاء حاجة الإنسان من البول والغائط. فلا بأس في دخولها بغير استئذان من قُوَّام الرباطات وأصحاب الحوانيت ومتصرفي الحمامات ونحوهم؛ لأن السبب الذي لأجله منع دخول البيت وهو الاطلاع على عورات الناس والوقوف على أسرارهم غير موجود فيها.

روي: أن أبا بكر قال: يا رسول الله، إن الله قد أنزل عليك آية في الاستئذان، وإنا لنختلف في تجارتنا، فننزل هذه الخانات، أفلا ندخلها إلا بإذن؟ فنزلت هذه الآية. {وَاللَّهُ} سبحانه وتعالى {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ}؛ أي: ما تظهرون بألسنتكم من الاستئذان إذا استأذنتم على أهل البيوت المسكونة. {وَمَا تَكْتُمُونَ}؛ أي: ما تضمرون من حب الاطلاع على عورات الناس، أو من قصد