والحامي: هو الفحل يولد من ظهره عشرة أبطن إذا ركب ولد ولده يقولون: حَمى ظهره، فلا يحمل عليه، ولا يركب، ولا يمنع من ماء ومرعى إلى أن يموت، فحينئذ تأكله الرجال والنساء.
{وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: إن رؤساءهم كعمرو بن لحي وأصحابه {يَفْتَرُونَ} ويختلقون {عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} وينسبونه إليه، ويقولون: أمرنا الله بهذا.
وأول من سن لأهل الشرك تلك السنن الرديئة، وغيَّر دين الله - دين الحق دين إبراهيم وإسماعيل، وأضاف إلى الله أنه هو الذي حرم ما حرموا، وأحل ما أحلوا افتراءً على الله الكذب واختلافًا عليه - هو عمرو بن لحي الخزاعي، فهو الذي غير دين إبراهيم، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، وحمى الحامي، ونصب الأوثان لأهل مكة.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكتم بن الجون:"يا أكتم، عرضت عليَّ النار، فرأيت فيها عمرو بن لحي بن قمعة بن خندق يجرُّ قصبه في النار - القصب: المِعَى وجمعه الأقصاب - فما رأيت رجلًا أشبه برجل منك به، ولا به منك، فقال أكتم: أخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا، إنك مؤمن وهو كافر، إنه أول من غير دين الله دين إبراهيم وإسماعيل". {وَأَكْثَرُهُمْ} وهم الأتباع {لَا يَعْقِلُونَ} أن ذلك افتراء باطل افتراه رؤساءهم على الله كذبًا، وأن ذلك من أعمال الكفر، بل يظنون أنهم يتقربون به إلى الله ولو بالوساطة؛ لأن آلهتهم التي يسيبون باسمها السوائب، ويتركون لها ما حرموه على أنفسهم ليست إلا وسطاء بينهم وبين الله بزعمهم، تشفع لهم عنده، وتقربهم إليه زلفى.
١٠٤ - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ}؛ أي: للذين كفروا أو لأكثرهم الذين هم الأتباع {تَعَالَوْا}؛ أي: هلموا وأقبلوا {إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} في القرآن من الأحكام المؤيدة بالحجج والبراهين {وَإِلَى الرَّسُولِ} محمَّد - صلى الله عليه وسلم - المبلِّغ لها، والمبيِّن لمجملها فاتبعوهما فيها {قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}؛ أي: أجابوا من يدعوهم إلى ما أنزل الله وإلى الرسول بقولهم: حسبنا وكافينا عن ذلك ما وجدنا عليه آبائنا