للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

جمع فعيل المضعف. نحو: سرير.

١٦ - {مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (١٦)} حالان (١) من الضمير المستكن فيما تعلق به {عَلَى سُرُرٍ}. والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض إما بالذات، وإما بالعناية والمودة؛ أي: مستقرين على سرر حال كونهم متكئين عليها؛ أي: قاعدين على تلك السرر قعود الملوك للاستراحة متقابلين لا ينظر بعضهم من أقفاء بعض. وهو وصف لهم بحسن العشرة، وتهذيب الأخلاق والآداب. وقال أبو الليث: متقابلين في الزيارة.

١٧ - وجملة قوله: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ}؛ أي: يدور حولهم للخدمة حال الشرب وغيره {وِلْدَانٌ}، جمع وليد. وخدمة الوليد أمتع من خدمة الكبير {مُخَلَّدُونَ}؛ أي: مبقون أبدًا على شكل الولدان، وطراوتهم، لا يتحولون عنها. لأنهم خلقوا للبقاء، ومن خلق للبقاء لا يتغير، وهم خلقوا للخدمة قط، والحور العين للخدمة والمتعة، في محل النصب على الحال من المقربين أو مستأنفة لبيان بعض ما أعد الله لهم من النعيم.

والمعنى (٢): مستقرون عل سرر موضونة حال كونهم متكئين عليها، ينظر بعضهم إلى وجوه بعض، فهم في صفاء، وعش، ورغد، وحسن معاشرة، لا يوجد في نفوسهم من الشحناء، والبغضاء ما يوجب الافتراق، يدور عليهم غلمان وخدم على صفة واحدة لا يكبرون، ولا يتغيرون. فهم دائمًا على الصفة الي تسر المخدوم إذا رأى الخادم، يعني: أنهم مخدومون في شرابهم وطعامهم، مكفيون مؤنة ما يريدون. فهم في غاية ترف ونعيم. قيل: هم ولدان المسلمين يموتون صغارًا، لا حسنة لهم ولا سيئة. وقيل: هم أطفال المشركين. ولا يبعد أن يكونوا مخلوقين في الجنة للقيام بهذه الخدمة.

١٨ - وقوله: {بِأَكْوَابٍ ...} إلخ، متعلق بيطوف، أي: يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب من الذهب والجواهر، أي (٣): بآنية لا عرى لها، ولا خراطيم. وهي الأباريق الواسعة الرأس، لا خرطوم لها، ولا يعوق الشارب منها عائق عن شرب من أي موضع أراد منها، فلا يحتاج أن يحول الإناء من الحالة التي تناوله بها


(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.