للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لها هواء، والله تعالى خلق العبد، وخلق القدرة على الحركة، ورزقه القيام بأمره، فما معنى الشركة، نسأل الله سبحانه وتعالى الخلاص من الأغيار، وإخراج الملاحظات والأفكار من القلب الذي خلق للتوجه إليه، والحضور لديه.

٤١ - {ظَهَرَ}؛ أي: كثر وشاع {الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ} (١) كالجدب، وقلة النبات والربح في التجارات، والريع في الزراعات، والدر والنسل في الحيوانات، ومحق البركات من كل شيء، ووقوع الموتان بضم الميم كبطلان، الموت الشائع في الماشية، وظهور الوباء والطاعون في الناس، وكثرة الحرق - بفتحتين - اسم من الإحراق، وغلبة الأعداء، ووجود الفتن والحرب، ونحو ذلك من المضار.

{وَ} في {الْبَحْرِ} كالغرق بفتحتين - اسم من الإغراق - وعمي دواب البحر، بانقطاع المطر، فإن المطر لها كالكحل للإنسان، وإخفاق الغواصين؛ أي: خيبتهم من اللؤلؤ، فإنه يتكون من مطر نيسان، فإذا انقطع .. لم ينعقد.

والظاهر من الآية (٢): ظهور ما يصح إطلاق إسم الفساد عليه، سواء كان راجعًا إلى أفعال بني آدم من معاصيهم، واقترافهم السيئات، وتقاطعم وتظالمهم وتقاتلهم، أو راجعًا إلى ما هو من جهة الله سبحانه، بسبب ذنوبهم، كالقحط وكثرة الخوف، والبر والبحر: هما المعروفان المشهوران، وقيل: البر: الفيافي، والبحر: القرى التي على ماء، قاله عكرمة، والعرب تسمي الأمصار: البحار، قال مجاهد: البر: ما كان من المدن والقرى على غير نهر، والبحر: ما كان على شط نهر، والأول أولى.

والباء في قوله: {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} للسببية، و {ما} إما موصولة أو مصدرية؛ أي: بسبب شؤم المعاصي، التي كسبها الناس في البر والبحر، بمزاولة الأيدي غالبًا، أو بسبب كسبهم، ففيه إشارة إلى أن الكسب من العبد، والتقدير والخلق من الله تعالى، فالطاعة كالشمس المنيرة، تنتشر أنوارها في الآفاق، فكذا الطاعة، تسري بركاتها إلى الأقطار، فهي من تأثيرات لطفه تعالى، والمعصية


(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.