للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بتكرار النظر والاستدلال مع الإخلاص، وهذا معذور غير مؤاخذ، ومنهم: من لم تبلغه الدعوة الإِسلامية، أو بلغته مشوهة معكوسة ككثير من أهل أوروبا في العصر الحاضر، وحال هؤلاء كحال من سبقهم، ومنهم: من اتبع الهدى تقليدًا لمن يثق به كآبائه وخاصة أهله، وهذا لم يتبين له الهدى، ولذلك يتركه إلى كل ما يقره عليه أهله ورؤساؤه من البدع والضلالات والخرافات.

١١٦ - {إِنَّ اللَّهَ} سبحانه وتعالى {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}؛ أي: لا يغفر البتة لأحد أشرك به سواه، إذا مات على الشرك {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}؛ أي: وإنه قد يغفر لمن يشاء من المذنبين، ما دون الشرك من الذنوب، فلا يعذبهم عليه، ذاك أن الشرك هو منتهى فساد الأرواح، وضلال العقول، فكل خير يلابسه لا يقوى على إضعاف مفاسده وأثامه، والعروج بها إلى جوار ربها، إذ أنها تكون موزعة بين شركاء يحولون بينها وبين الخلوص إليه عز وجل، والله لا يقبل إلا ما كان خالصًا له.

{وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} سبحانه وتعالى شيئًا فيدعوه معه، ويذكر اسمه مع اسمه، أو يدعوه وحده، ملاحظًا أنه يقربه إليه زلفى .. {فَقَدْ ضَلَّ} عن القصد، وبعد عن سبيل الرشد {ضَلَالًا بَعِيدًا} في سبيل الغواية، لأنه ضلال يفسد العقل، ويكدر صفاء الروح، ويجعله يخضع لعبد مثله، ويخضع أمام مخلوق يحاكيه، ويكون عبدًا للخرافات والأوهام، أما من لم يشرك بالله .. لم يكن ضلاله بعيدًا، فلا يصير محرومًا عن الرحمة.

وخلاصة ما تقدم (١):

١ - أن الشرك في العبادة الذي يتجلى في الدعاء هو أقوى أنواع الشرك؛ لأنه يكون باعتقاد ناشيء عن وجدان حاكم على النفس مستعبد لها.

٢ - أن الجزاء في الآخرة يكون تابعًا لما تكون عليه النفس في الدنيا، من سلامة العقيدة، ومقدار درجة الفضيلة التي يلازمها فعل الخيرات، أو فساد


(١) المراغي.