للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمطرنا عليهم أثناء ذلك حجارة من طين متحجر، وقد تقدم ذكر ذلك في سورة هود.

وخلاصة ذلك: أنه تعالى أرسل عليهم ثلاثة أنوع من العذاب:

١ - الصيحة المنكرة الهائلة والصوت المفزع المخيف.

٢ - أنه قلب عليهم القرية فجعل عاليها سافلها.

٣ - أنه أمطر عليهم حجارة من سجيل.

٧٥ - ثم ذكر أن في هذا القصص عبرة لمن اعتبر فقال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ}؛ أي: إن فيما ذكر من القصة من تعرض قوم لوط لضيف لوط طمعًا فيهم، وقلب المدينة على من فيها، وإمطار الحجارة عليها وعلى من غاب منهم {لَآيَاتٍ}؛ أي: لعلامات يستدل بها على حقية الحق، وعبرات يعتبر بها، {لِلْمُتَوَسِّمِينَ}؛ أي: للمتفكرين المتفرسين الذين يتثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة الشيء بسمته.

أي: إن فيما فعلناه بقوم لوط من الهلاك والعذاب لدلالات للمفكرين، الذين يصبرون ما يحدث في الكون من عظات وعبر، ويستدلون بذلك على ما يكون لأهل الكفر والمعاصي من عقاب بئيس بما كانوا يكسبون.

أخرج البخاري في "التاريخ"، والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن مردويه؛ عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى" ثم قرأ {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ (٧٥)} والفراسة (١) ما يوقعه الله في قلوب الصلحاء، فيعلمون بذلك أحوال الناس بالحدس والظن (٢) ما يحصل بدلائل التجارب والأخلاق، وقد صنف الناس في القديم والحديث كتبًا في ذلك، وبعض العلماء يجعلها دليلًا يحكم به، كما فعل إياس بن معاوية؛ كان قاضيًا ذكيًّا في عهد التابعين،

٧٦ - ثم لفت أنظار أهل مكة إلى الاعتبار بها لو أرادوا، فقال: {وَإِنَّهَا}، أي: قوى قوم لوط {لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ}؛


(١) المراغي.
(٢) المراغي.